وقال ابن الخطيب : ويكن حَمْلُ الأخذ هنا بمعنى القَبُولِ؛ قال تعالى ﴿ وَيَأْخُذُ الصدقات ﴾ [ التوبة : ١٠٤ ] أي : يقبلها وإذا [ ثبت هذا فيُحْمَلُ ] الأخذ هاهنا على القبول ويزول المحذور، وفي إسناد الأخْذِ إلى المصدر عبارة عن الفعل يعني يؤخذ مسنداً « إلى » منها لا إلى ضميره أي : لأن العدل بالمعنى المصدري لا يؤخذ، بخلاف قوله :﴿ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْل ﴾ فإنه المَفْدِيُّ به.
قوله :﴿ أولئك الذين أُبْسِلُواْ ﴾ يجوز أن يكون « الَّذينَ » خبراً، و « لهم شراب » خبراً ثانياً، وأن يكون « لهم شراب » حالاً؛ إما من الضمير في « أبْسِلواط وإمَّا من الموصول نفسه، و » شراب « فاعلٌ لاعتماد الجار قبله على ذِي الحالِ، ويجوز أن يكون » لهم شراب « مُسْتَأنفاً، فهذه ثلاثة أوجه، ويجوز أن يكون » الذين « بدلاً من » أولئك « أو نعتاً فيتعين أن يكون الجملة من » لهم شراب « خبراً للمبتدأ، فيحصل في الموصُولِ أيضاً ثلاثة أوجه؛ كونه خبراً، وأو بدلاً، أو نعتاً فجاءت مع ما قبلها ستة أوجه ستة أوجه في هذه الآية، و » شراب « يجوز رَفْعُهُ من وجهين؛ الابتدائية والفاعلية عند الأخفش، وعند سيبويه أيضاً على أن يكون » لهم « هو خبر المبتدأ أو حالاً، حيث جعلناه حالاً، و » شراب « مُرتفعٌ به لاعتماده على ما تقدَّم، و » ن حميم « صفة ل » شراب « فهو في مَحَلِّ رفع، ويتعلق بمحذوف.
و »
شراب « فعال بمعنى مفعول ك » طعام « بمعنى » مطعوم «، و » شراب « بمعنى » مشروب « لا يَنْقَاسُ ولا يقال :» أكال « بمعنى » مأكول « ولا » ضراب « بمعنى » مضروب «.
والإشارة بذلك إلى الَّذين اتخذوا في قول الزمخشري والحوفي، فلذلك أتى بصيغة الجمع، وفي قول ابن عطية وأبي البقاء إلى الجنْسِ المفهوم من قوله »
أن تُبْسَلَ نَفْسٌ « إذ المرادُ به عُمومُ الانْفُسِ، فلذلك أشير إليه بالجمع، ومعنى الآية : أولئك الذين أبسلوا أسلمُوا للهلاكِ بما كسبوا » لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون «.


الصفحة التالية
Icon