﴿ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ﴾ [ التحريم : ٤ ]، ولنذكر المسْألة، فنقول : كُلُّ جزْأين أضيفا إلى كِليْهِما لفظاً أو تقديراً، وكانا مُفْرَدَيْن من صَاحبيْهِمَا جاز فيهما ثلاثة أوجُه :
الأحسن : الجمع، ويليه الإفْرَاد عند بَعْضِهم، ويليه التَّثْنِية، وقال بعضهم : الأحْسَنُ الجَمْع، ثم التَّثْنِية، ثم الإفْرَاد، نحو :« قَطَعْتُ رُءُوس الكَبْشَيْن، ورَأس الكَبْشَيْن ورَأسَي الكَبْشَين ».
وقال سامَحَهُ اللَّهُ وعَفَا عَنْهُ :[ السريع أو الرجز ]
١٩٦٤- ومَهْمَهَيْنِ قَذَفَيْنِ مَرْتَيْن | ظَهْرَاهُمَا مِثْلُ ظُهُورِ التُّرْسَيْنْ |
وقولُنا :« أو تَقْدِيراً » نحو قوله :[ الطويل ]
١٩٦٥- رَأيْتُ بَنِي البَكْرِيِّ فِي حَوْمَةِ الوَغَى | كَفَاغِرَي الأفْوَاهِ عِنْدَ عَرينِ |
وقولنا :« مُفَرَدَيْن » تحرُّز من العَيْنَين ونحوهما، وإنما اخْتِير الجَمْعُ على التَّثْنِية، وإن كان الأصْل لاسْتِثْقَال تَوَالي تَثْنِيَتَيْنِ، وكان الجَمْع أوْلَى من المُفْرَد لِمُشَارَكَة التَّثْنِية، وإن كان الأصْل لاسْتِثْقَال تَوَالي تَثْنِيَتَيْنِ، وكان الجَمْع أوْلَى من المُفْرَد لِمُشَارَكَة التَّثْنِيَةِ في الضَّمِّ، وبعده المُفْرد لعدم الثِّقَلِ، هذا عِنْد بَعْضِهِم قال : لأنَّ التَّثْنِيَة لم ترد إلا ضرورةً، كقوله - رحمةُ الله عليه - [ الطويل ]
١٩٦٦- هُمَا نَفَثَا فِي فِيَّ مِنْ فَمَويْهمَا | عَلَى النَّابحِ العَاوِي أشَدَّ رِجَامِ |
وقال بعضهم : الأحسنُ الجَمْعُ، ثم التَّثْنِيَة، ثُمَّ الإفراد كقوله :[ الطويل ]
١٩٦٧- حَمَامَةَ بَطْنِ الوَادِيَيْنِ تَرَنَّمِي | سَقاكِ مِنَ الغُرِّ الغَوَادِي مَطِيرُهَا |
فصل من أول من قطع في حد السرقة؟
قال القُرْطُبي : أولُ مَنْ حُكم بقطع [ اليد ] في الجاهليةِ ابنُ المُغِيرةِ، فأمر الله بقطعِهِ في الإسلام، فكان أول سارقٍ قطعه رسولُ الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - في الإسلامِ، مِنَ الرِّجَالِ الخِيَارَ بْنش عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَاف ومن النساء مُرَّة بنت سُفْيَانَ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ، وقطع أبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - يَدَ الْفَتَى الذي سَرَقَ العِقْد، وقطع عُمَرُ - رضي الله عنه - يدَ ابن سَمُرَة أخِي عَبْد الرَّحْمن بن سَمُرَة.