قال شهبا الدِّين : ولا حَاجَة إلى ارْتِكَاب مِثْل الأمَاكن الحَرِجة، وكان قد عبَّر قَبْل ذلك بِعِبَارات اسْتَعْظَمتُ النُّطْق بها، فَضَربْت عَنْها إلى أمْثِلةٍ من قوْلي، والَّذِي تُحْملُ عليه هذه القراءة، ما تقدّضم من المُخْتَار؛ وهو النَّصْب بِمُضْمَر، وفاعل « يُضِلّ » على هذه القراءة : ضمير يَعُود على اللَّه - تعالى - على مَعْنَى : يَجِدُه ضالاً، أو يَخْلُق فيه الضَّلال « لا يسأل عمَّا يَفْعَل » ويجُوز أن يكُون ضمير « مَنْ » أيْ : أعْلَم مَنْ يضِلُّ النَّاس، والمَفْعُول مَحْذُوف، وأمَّا على القراءة الشَّهيرة، فالفَاعِل ضمير « مَنْ » فقط، و « مَنْ » يجُوز أن تكُن موصُولة، وهو الظَّاهر، وأن تكون نَكِرة مَوْصُوفة، ذكره أبثو البقاء.
فإن قيل هو « أعْلَم بالمُهْتَدِين » يوجب وقوع التَّفَاوت في عِلْم اللَّه، وهو مُحَال؟
فالجواب : أن حُصُول التَّفَاوُت في علم اللَّه مُحَال، إلاَّ أن المَقْصُود من هذا اللَّفْظِ :
العِنَاية بإظْهَار هداية المُهْتَدين فوق الهداية بإظهار ضلال الضَّالِّين، ونظيرُه قوله تعالى- :﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾ [ الإسراء : ٧ ] فذكر الإحْسَان مَرَّتَيْن، والإساءة مرَّة واحدة، ومَعْنَى : قوله - تعالى- :﴿ أَعْلَمُ بالمهتدين ﴾ أي : يُجَازي كُلاَّ بما يستحقُّونَ.


الصفحة التالية
Icon