﴿ رَأَى القمر ﴾ [ الأنعام : ٧٧ ]. فأمَّا إمالة الرَّاء من « رأى » فلإتباعها لإمالة الهمزة، هكذا عبارتهم، وفي الحقيقة الإمالة إنما هي الألف لانْقِلابها عن الياء، والإمالة أن تنحي بالألف نحو الياء وبالفتحة قبلها نحو الكسرة، فمن ثمَّ أن يقال : أميلت الراء لإمالة الهمزة، وأما تفصيل ابن ذَكْوَانَ بالنسبة إلى اتِّصالِهِ بالضمير وعدمه، فوَجْهُهُ أن الفعل لما اتَّصَلَ بالضمير بعدت ألفه عن الظَّرْفِ، فمل تُمَلْ.
ووجه من أمال الهمزة في « رَأى القَمَرَ » مُرَاعَاة للألف وإن كانت محذوفة، إذ حذفها عَارِضٌ، ثم منهم من اقْتَصَرَ على إمالة الهمزة؛ لأن اعتبار وُجُودهَا ضعيفٌ، ومنهم من لم يَقْتَصِرْ أعطى لها حكم الموجودة حَقِيقَةً، فأتبع الراء للهمزة في ذلك.
والكوكب : النجم، ويقال فيه كَوْكَبَةٌ.
وقال الراغب :« لا يقال فيه أي في النجم : كوكب إلا عند ظُهُوره ». وفي اشتقاقه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه من مادة « وَكَبَ » فتكون الكَافُ زائدةً، وهذا القول قاله الشيخ رضي الدين الصَّغاني قال رحمه الله تعالى :« حق كَوْكَب أن يُذكَرَ في مادة » وَكَبَ « عن حُذَّاق النحويين، فإنها وردَتْ بكاف زائدةٍ عندهم، إلا أنَّ الجوهري أوردها في تركيب » ك و ك ب « ولعلَّه تبع في ذلك اللَّيْثَ، فإنه ذكره في الرباعي ذاهباً إلى أن الواو أصْلِيَّةٌ ». فهذا تصريح من الصَّغَاني بزيادة الكافن وزيادة الكاف عند النحويين لا يجوز، وحروف الزيادة مَحْصُورةٌ في تلك العشرة، فأما قولهم :« هِنْدِيُّ وهِنْدِكيّ » بمعنى واحدٍ، وهو المنسوب إلى « الهند »، وقول الشاعر :[ الطويل ]
٢٢١٣- ومُقْرَبَةٍ دُهْمٍ وَكُمْتٍ كَأنَّهَا | طَمَاطِمُ مِنْ فَوْقِ الوِفَازِ هَنَادِكُ |
والثاني : أن الكلمة كُلَّهَا أصُولٌ رباعية مما كُرِّرَتْ فيها الفاء، فوزنها فَعْفَل ك « فَوْفَل » وهو بناء قليل.
والثالث : ساق الرَّاغب أنه من مادة : كَبَّ وكَبْكَبَ، فإنه قال : والكَبْكَبَةُ تَدَهْوُرُ الشيء في هُوَّة، يقل : كَبَّ وكَبْكَبَ، نحو : كَفَّ وكَفْكَفَ، وصرَّ الريح وصَرْصَرَ.
والكواكب النجوم البادية، فظاهر السِّياقِ أن الواو زائدة، واكاف بَدَلٌ من إحدى الياءين وهذا غريب جداً.