هذا نوع آخر من أحْكَامِهِم الفاسدة ومذاهبهم البَاطِلة. قوله :« وكذلِكَ زيَّنَ » هذا في محلِّ نصبٍ نعتاً لمصدرٍ محذُوف كنظائره، فقدَّره الزمخشري تقديرين، فقال :« ومِثْل ذلك التَّزْيين وهو تَزْيين الشِّرْك في قِسْمَة القُرْبَان بين اللَّهِ والآلهة، أو : ومثل ذلك التَّزيين البَلِيغ الذي عُلِم من الشَّياطين ».
قال أبو حيَّان : قال ابن الأنْبَاري : ويجُوز أن يكون « كَذَلِكَ » مستَأنفاً غير مُشَارٍ به إلى ما قَبْله، فيكون المَعْنَى : وهكذا زيَّن.
قال شهاب الدِّين : والمنْقُول عن ابن الانْبَاري أن مُشَارٌ به إلى ما قبله، نقل الواحِدِي عنه؛ أنه قال :« ذَلِكَ » إشارةٌ إلى ما نَعَاه اللَّه عليهم من قَسْمِهِم ما قَسَمُوا بالجَهْل، فكأنه قِيلَ : ومثل ذلك الذي أتَوْه في القَسْم جهلاً وخطأ زيِّن لكَثِير من المُشْركين، فشبَّه تَزْيين الشرُّكَاء بخِطَابهم في القَسْمِ وهذا معنى قول الزَّجَّاج، وفي هذه الآية قراءات كَثِيرة، والمُتواتِر منها ثِنْتَان.
الأولى : قرأ العامّة « زَيَّنَ » مبنياً للفَاعِل و « قَتْلَ » نصب على المفعُوليَّة و « أوْلادَهُم » نَصْباً على المفعُول بالمصْدَر، « شُركَائِهِم » خفضاً على إضافة المصدر إلأيه فَاعِلاً، وهذه القراءة مُتواتِرة صحيحة، وقد تجرأ كَثِيرةٌ من النَّاسِ على قَارِئهَا بما لا يَنْبَغي، وهو أعلى القُرَّاء السَّبْعَة سَنَداً وأقدمهم هِجْرَة.
أمَّا عُلُوِّ سنده : فإنَّه قرأ على أبِي الدَّرْدَاء، وواثِلة بن الأسْقَع، وفَضَالةِ بن عُبَيْد، ومعاوية بن أبي سُفْيَان، والمُغِيرةَ المَخْزُومِي، ونقل يَحْيَى الذُّماري أنه قرأ على عُثْمَان نفسه.
وأما قَدَم هِجْرَته فإنَّه وُلِد في حَيَاة رسُول اللَّه ﷺ ونَاهِيك به أن هشام بن عمَّار أحد شُيُوخ البُخَارِيّ أخّذ عن أصْحاب أصحابه وتَرْجَمَته مُتَّسِعَة ذكرتُها في « شرح القصيد ».
وإنَّما ذكرت هُنَا هَذِه العُجَالة تَنْبيهاً على خَطَإٍ من رَدَّ قراءته ونَسَبَه إلى لَحْنٍ، وأو اتِّبَاع مجرَّد المَرْسُوم فقط.
قال أبو جَعْفَر النحاس : وهذا يَعْني أنّ الفَصْل بين المُضَافِ والمضافِ إليه بالظَّرْفِ أو غيره لا يجُوز في شِعْرٍ ولا غيره، وهذا خطأ من أبي جَعْفَر؛ لما سنذكره من لسَان العرب.
وقال أبو علي الفارسيّ : هذا قَبيحٌ قليل في الاسْتِعْمَال، ولو عَدَل عَنْهَا - يعني ابن عامر-، كان أولى؛ لأنهم لم يَفْصِلُوا بين المُضَافِ والمُضافِ إليه بالظَّرف في الكلام مع اتِّساعهم في الظَّرُوفِ، وإنَّما أجَازُوه في الشِّعْر « قال :» وقد فَصَلُوا به - أي بالظَّرف - في كَثِير من المواضع، نحو قوله تعالى ﴿ إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ ﴾ [ المائدة : ٢٢ ] ؛ وقال الشاعر في ذلك :[ المتقارب ]

٢٣١٧- عَلَى أنَّنِي بَعْدَمَا قَدْ مَضَى ثلاثُونَ - لِلْهَجْرِ - حَوْلاً كَمِيلاً
وقول الآخر في هذا البيت :[ الطويل ]


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2025
Icon
٢٣١٨- فَلاَ تَلْحَنِي فيها فإنَّ- بِخُبِّهَا - أخَاكَ مُصَابُ القَلْبِ جَمٌّ بلابِلُهْ