٢٣٢٥- فَزَجَجْتُهَا بِمَزجَّةٍ زَجَّ - القلُوصَ - أبي مَزَادَهْ
وفي بيت الطِّرمَّاح، وهو قوله :[ الطويل ]
٢٣٢٦- يَطُفْنَ بِحُوزِيِّ المَرَاتِعِ لَمْ تَرُعْ بِوَادِيهِ مِنْ قَرْع - القِسِيَّ - الكَنَائِنِ
وقال الزَّمخشري - فأغْلظ وأسَاء في عبارتهِ- « وأم قِرَاءة ابن عامرٍ - فذكرها- فشيء لو كان في مكان الضرُورة وهو الشِّعْر، لكان سَمِجاً مرْدُوداً كما سَمُج ورورد :
[ مجزوء الكامل ]
٢٣٢٧-................ زَجَّ - القلُوصَ - أبِي مَزَادَهْ
فكيف به في الكلام المَنْثُور؟ كيف به في القُرْآن المُعْجِز بحُسْن نَظْمِه وجَزَالَتِه؟ الذي حمله على ذلك : أنْ رأى في بَعْض المَصَاحف »
شُرَكَائِهِم « مكْتُوباً بالياءِ، ولو قرأ بجرِّ » الأوْلاد « و » الشُّركاء « - لأن الأولاد شُرَكَاؤهم في أموالهم - لوجَد في ذلك مَنْدُوحة عن هذا الارتكاب ».
قال شهاب الدين :« سَيَأتي بيان ما تمنَّى أبو القاسِم أن يَقْرَأه ابن عَامرٍ، وأنه قد قرأ به، فكأنَّ الزَّمَخْشَرِيّ لم يَطَّلِعْ على ذلك، فلهذا تَمَنَّاه ».
وهذه الأقوال التي ذكرتها جَمِيعاً لا يَنْبَغِي أن يُلْتَفَت إليها؛ لأنها طَعْن في المُتَواتِر، وإن كانت صَادِرةً عن أئِمَّةٍ أكَابِر، وأيضاً فقد انْتصَر لها من يُقَابِلُهُم وأوْرَد من لسانِ العربِ نَظْمهِ ونَثْرِه ما يَشْهَد لصِحَّة هذه القراءة لُغَة.
قال أبو بَكْر بن الأنْبَاريّ :« هذه قِرَاءة صَحيحَةٌ وإذا كانت العرب قد فَصَلَتْ بني المُتضَايفين بالجُمْلَة في قولهم :» هُو غُلامُ- إن شَاءَ اللَّه- أخِيكَ « يُرِيدون : هو غلام أخِيكَ، فأنْ يُفْصَل بالمفْرَد أسْهَل » انتهى.
وسمع الكَسَائِي قول بعضهم :« إن الشَّاةُ لتجترُّ فتَسْمع صَوْت واللَّه ربِّهَا »، أي : صَوْت ربِّها واللَّه، ففصل بالقسم وهو في قُوَّة الجُمْلَة، وقرأ بَعْض السَّلَف :﴿ فَلاَ تَحْسَبَنَّ الله مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ ﴾ [ إبراهيم : ٤٧ ] بنصب « وَعْدَهُ » وخفض « رُسُلِهِ » وفي الحديث عنه - ﷺ - :« هَلْ أنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبي، تَارِكُوا لِي امْرَأتِي » أي تاركو صَاحِبي لي، تَارِكُو امْرَأتِي لي.
وقال ابن جِنِّي في كتاب « الخصائص » : باب ما يَرِدُ عن العَرَبِيّ مُخَالِفاً للجُمْهُور، إذا اتَّفق شَيْءٌ من ذلك، نُظِر في ذلك العربي وفيما جَاءً بهِ : فإن كان فَصِيحاً وكان مَا جَاء به يَقْبَلُه القِيَاسُ، فَيَحْسُن الظَّنُّ به؛ لأنه يمكن أن يَكُون قَدْ وَقَع إليه ذَلِك من لُغَةٍ قديمة، قد طَال عَهْدُها وعَفَا رَسْمُهَا.
أخرنا أبُو بكْر جعفر بن مُحَمَّد بن أبي الحَجَّاج، عن أبي خَلِيفَة الفَضْل بن الحباب، قال : قال ابن عَوْف عن ابن سيرين : قال عُمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه- :« كان الشِّعْر عِلْمَ قَوْم لم يَكُونْ لَهُم عِلْمٌ منه؛ فجاء الإسْلام فتشاغَلَت عَنْه العَرَب بالجِهَاد وغَزْو فَارِس والرُّوم، ولَهَت عن الشِّعر وروايته، فلما كَثُر الإسلام وجاءت الفُتُوح، وأطْمَأنَّت العرب في الإمْصَارِ، راجَعُوا رواية الشِّعْرِ فلم يَئُولوا إلى دِيوانٍ مُدَوَّنٍ، ولا إلى كِتاب مكْتُوبٍ، وألِفُوا ذلك وقد هَلَك مَنْ هَلَك من العربِ بالموت والقَتْلِ، فَحَفِظُوا أقل ذلك وذهب عَنْهُم كَثِيرُه ».


الصفحة التالية
Icon