وقال مكي :« وقيل : تقدير المضمر في » فيكون « جميع ما أراد »، فأطلق ولم يُقَيِّدْهُ وهذا أوْلَى وكأن أبا البقاء أخذ ذلك من قرينة الحال.
الثاني : أنه ضمير الصُّور المنفوخ فيها، ودَلَّ عليه قوله :﴿ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصور ﴾ [ طه : ١٠٢ ].
الثالث : هو ضمير اليوم؛ أي : فيكون ذلك اليوم العظيم.
الرابع : أن الفاعل هو « قوله » و « الحق » صفته؛ أي : فيوجد قوله الحق، ويكون الكلام على هذا تامَّا على « الحق ».
قوله « قولهُ الحَقُّ » فيه أربعة أوجه :
أحدها : أنه مبتدأ، و « الحق » نعته، وخبره قوله :« يوم يقول ».
والثاني : أنه فاعلٌ لقوله :« فيكون » و « الحق » نعته أيضاً، وقد تقدَّم هذان الوجهان.
الثالث : أن « قوله » مبتدأ، و « الحق » خبره أخبر عن قوله بأنه لا يكون إلاَّ حقَّا.
والرابع : أنه مبتدأ أيضاً، و « الحق » نعته، و « يوم يُنفَخُ » خبره وعلى هذا ففي قوله :« وله الملك » ثلاثة أوجه :
أحدها : تكون جُمْلَةً من مبتدأ وخبر معترضة بين المبتدأ وخبره، فلا محل لها حنئيذ من الإعراب.
والثاني : أن يكون « الملك » عطفاً على « قوله » و « أل » فيه عوض عن الضمير، و « له » في محلِّ نصب على الحال من « الملك » العامل فيه الاسْتِقْرَارُ، والتقدير : قوله الحق، وملكه كائناً له يوم ينفخ، فأخبر عن القول الحق والملك الذي لله بأنهما كائنانِ في يوم ينفخ في الصُّورِ.
الثالث : أن الجملة من « وله الملك » في محل نصبٍ على الحال، وهذا الوجه ضعيف لشيئين :
أحدهما : أنها تكون حالاً مؤكّدة، والأصل أن تكون مؤسّسة.
الثاني : أن العامل فيها معنوي؛ لأنه الاستقرار المُقَدَّرُ في الظرف الواقع خبراً، ولا يجيزه إلا الأخفش، ومن تابعه، وقد تقدَّم تقرير مذهبه.
قوله :« يَوْمَ يُنْفَخُ » فيه ثمانية أوجه :
أحدها : أنها خبر لقوله تعالى :« قوله الحق »، وقد تقدم تحقيقه.
الثاني : أنه بَدَلٌ من « يوم يقول » فيكون حُكْمُهُ ذاك.
الثالث : أنه طرف ل « تحشرون » أي : وهو الذي إليه تحشرون في يوم يُنْفَخُ في الصور.
الرابع : أنه منصوب بنفس المُلْك، أي : وله المُلْكُ في ذلك اليوم.
فإن قيل : يلزم من ذلك تقييد الملك ب « يوم النَّفْخ »، والملك له كل وقت.
فالجواب : ما تقدم في قوله « الحق »، وقوله :﴿ لِّمَنِ الملك اليوم ﴾ [ غافر : ١٦ ] وقوله :﴿ والأمر يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ﴾ [ الانقطار : ١٩ ] وهو أن فائدة الإخبار بذلك أنه أثبت المُلْكَ والأمْرَ في يوم لا يمكن لأحد أن يدعي فيها شيئاً من ذلك.


الصفحة التالية
Icon