الخامس : أنه حالٌ من المُلْكِ، والعامل فيه « له » لما تضمنه من معنى الفعل.
السادس : أنه منصوب بقوله :« يقول ».
السابع : أنه مَنْصُوبٌ بعالم الغيب بعده.
الثامن : أنه منصوبٌ بقوله تعالى :« قوله الحق » فقد تحصَّل في كل من اليومين ثمانية أوجه.
والجمهور على « يُنْفَخُ » مبنياً للمفعول بياء الغيبة، والقائم مقام الفاعل الجار بعده.
وقرأ أبو عمرو في رواية عبد الوارث :« نَنْفُخُ » بنون العظمة مبنياً للفاعل.
والصُّورُ : الجمهور على قراءته ساكن العين وقرأه الحسن البصري بفتحها.
فأما قراءة الجمهور، فاختلفوا في معنى « الصُّور » [ فيها ] فقال جماعة الصور : جمع « صُورة » كالصُّوف جمع « صوفة »، والثوم جمع « ثومة »، وهذا ليس جمعاً صِنَاعيَّا، وإنما هو اسم جنس، إذ يفرق بينه وبين واحد بتءا التأنيث، وأيَّدُوا هذا القول بقراءة الحسن المتقدمة.
وقال جماعة : الصُّور هو القَرْنُ.
قال مجاهد كَهَيْئَةِ البُوقِ، وقيل : هو بلغة أهل اليمن، وأنشدوا :[ السريع أو الرجز ]

نَطْحاً شَدِيداً لا كَنَطْحِ الصُّورَينْ... وأيَّدُوا ذلك بما ورد في الأحاديث الصحيحة، وقال عبد الله بن عمرو بن العاص :« جاء أعرابي إلى النبي ﷺ قال : ما الصُّورُ؟ قال :» قَرْنٌ يُنْفَخُ فيهِ « وعن أبي سعيد الخدري أن النبي ﷺ قال :» كَيْفَ أنْعَمُ وصَحِبُ الصُّورِ قَد التَقَمهُ وأصْغَى سمْعَهُ وَحَتَى جَبْهَتهُ يَنْتَظِرُ مَتَى يُؤمَرٍُ «. فقالوا : يا رسول الله وما تأمرنا؟ فقال :» قُولُوا : حَسْبُنَا اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ «.
٢٢٠٥- نَحْنُ نَطَحْنَاهُمْ غَدَاةَ الجَمْعَيْن بِالشَّامِخَاتِ فِي غُبَارِ النُّقْعَينْ
وقيل في صفته : إنه قَرْنٌ مستطبل في أبخاش، وأن أرواح الناس كلهم فيه، فإذا نفخ فيه إسرافيل خرجت رُوحُ كُلِّ جسدٍ من بخش من تلك الأبخاش.
وأنحى أبو الهيثم على من ادَّعى أن الصور جمع »
صُورة «، فقال :» وقد اعترض قوم فأنكروا أن يكون الصور قَرْنَاً كما أنكروا العَرْشَ والميزان والصراط، وادَّعُوا أن الصور جمع « صورة »، كالصوف جمع الصوفة، ورووا ذلك عن أبي عُبَيْدة، وهذا خطأ فاحش، وتحريف لكلام الله - عزَّ وجلَّ - عن مواضعهِ؛ لأن الله تعالى قال :﴿ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ﴾ [ غافر : ٦٤ ] و « نفخ في الصور » فمن قرأها : و « نفخ في الصور » أي بالفتح، وقرأ « فأحْسَنَ صُوْركم » أي بالسكون فقد افترى الكذب على الله - عزَّ وجلَّ- وكان أبو عبيدة صاحب أخبار غريبة ولم يكن له معرفة بالنحو «.
قال الأزْهَرِيُّ : قد احتج أبو الهيثم فأحسن الاحتجاج، ولا يجوز عندي غير ما ذهب إليه، وهو قول أهل السنّة والجماعة انتهى.


الصفحة التالية
Icon