٢٤٣٩ - وَقَدْ جَعَلَتْ قَلُوصُ بَنِي سُهَيْلٍ | مِنَ الأكْوَارِ مَرْتَعُهَا قَرِيبُ |
ويقال طَفِقَ بفتح الفاء وكسرها، وطَبِقَ بالباء الموحدة أيضاً، والألف اسمها، و « يَخْصَفَان » خَبَرُهَا.
وقرأ أبُوا السمالِ :« وطَفَقَا » بفتح الفاء. وقرأ الزُّهْرِيُّ :« يُخْصِفَانِ » بضم حرف المضارعة من أخْصَفَ وهي تحتمل وجهين :
أحدهما : ان يكون أفْعَلَ بمعنى فَعَلَ.
والثاني : أن تكون الهَمْزَةُ للتَّعْديَة، والمَفْعُولُ على هذا مَحْذُوفُ، أي : يُخْصِفَانِ أنفسهما، أي : يَجْعلانِ أنفسَهُمَا خاصِفَيْنِ.
وقرأ الحسنُ، والأعرجُ ومُجاهِدٌ وابْنُ وثَّابٍ « يَخِصِّفانِ » بفتح الياء وكسر الخاء، والصَّاد مشدودةٌ، والأصْلُ يَخْصِفَانِ، فأدغمت التَّاءُ في الصَّادِ، ثم اتْبعت الخَاءُ للصَّادِ في حركتها، وسيأتي نظيرُ هذه القراءة في « يُونس » و « يس » نحو ﴿ يهدي ﴾ [ يونس : ٣٥ ] و ﴿ يَخِصِّمُونَ ﴾ [ يس : ٤٩ ].
وروى مَحْبُوبٌ عن الحسنِ كذلك إلاَّ أنَّهُ فتح الخاء، فلم يُتْبِعْها للصَّادِ وهي قراءةُ يعقوب وابْنِ بُرَيْدَةَ.
وقرأ عبد الله « يُخُصِّفان » بضمِّ الياءِ والخَاءِ وكسر الصَّادِ مشدودة وهي من « خَصِّفَ » بالتَّشديد، إلاَّ أنَّهُ أتبع الخاء للياء قبلها في الحركةِ، وهي قراءة عَسِرةُ النُّطْقِ.
ويَدُلُّ عل أنَّ أصْلها مِنْ خَصَّفَ بالتَّشديدِ قِراءةُ بعضهم « يُخَصِّفان » كذلك، إلاَّ أنَّهُ بفتح الخاء على أصلها.
و « الخصفُ » : الخَرْزُ في النِّعالِ، وهو وَع طريقة على أخرى وخرْزهما، والمِخْصَفُ : ما يُخْصَفُ به، وهو الإشفَى.
قال رُؤبَةُ :[ الكامل ]
٢٤٤٠ -..................... | أنْفِهَا كالمِخْصَفِ |
وقال العبَّاسُ يمدحُ النَّبِيَّ ﷺ :[ المنسرح ]
٢٤٤١ -... طِبْتَ فِي الظِّلالِ وَفِي | مُسْتَودَعٍ حَيْثُ يُخْصَفُ الوَرَقُ |
فصل
قال المُفَسِّرُون : جعلا يَخْصِفَانِ ويرقعان ويلْزِقَانِ ويصلانِ عليهما من ورق الجنَّةِ، وهو ورق التِّين حتى صار كهيئة الثَّوْبِ.
قال الزَّجَّاجُ : يجعلان ورقةً على وقرةٍ لِيَسْتُر سَوْءَاتِهِمَا.
وروى أبَيُّ بنُ كعبٍ عن رسول الله ﷺ :« كان آدَمُ طوالاً كأنَّهُ نَخْلَةٌ سحوق كثيرة شَعْرِ الرَّأسِ، فلما وقع بالخطيئة بَدَتْ له سوأته، وكان لا يراها فانْطَلَقَ هَارِباً في الجنَّةِ، فعرضت له شجرةٌ من شجر الجنَّةِ فحبسته بشَعْرِهِ فقال لها أرسِلِيني؛ قالت : لَسْتُ بِمُرْسِلَتكَ، فَنَادَاهُ ربُّهُ : يا آدمُ أين تَفِرُّ قال : لا يَا رَب، ولكني استحييتك »
وفي الآية دليل على أنَّ كَشْفَ العَوْرَةِ قبيحٌ من لدن آدم، ألا تَرَى أنَّهُُما كيف بادرا إلى السَّتْرِ، لما تقرَّر في عقلهما من قُبْحِ كَشْفِ العورة.