٢٥٥٣ - تَطِيرُ عدائِدُ الأشْرَاكِ شَفْعاً | وَوِتْراً والزَّعَامَةُ لِلْغُلامِ |
قوله :﴿ ألا إنما طائرهم عند الله ﴾ أي حَظُّهم، وما طار لهم في القضاء والقدر، أو شؤمهم أي : سبب شؤمهم عند الله، وهو ما ينزله بهم.
قال ابن عباس : يريد شؤمهم عند الله، وهو ما ينزله بهم.
قال ابن عباس : يريد شُؤمَهُمْ عند الله، أي من قِبَل الله، أي : إنما جاءهم الشَّرُّ بقضاءِ الله وحُكْمِهِ.
قال الفَرَّاءُ : وقد تَشَاءَمَت اليهود بالنبي - عليه السلام - ب « المدينة »، فقالوا : غَلَتْ أسْعَارُنَا، وقَلَّتْ أمطارنا مذ أتانا، وكثرت أمواتنا.
ثم أعلم الله على لسان رسوله - عليه السلام - أن طيرتهُمْ باطلة، فقال :« لا طيرة ولا هامة » - وكان النبي عليه السلام يَتفَاءَلُ ولا يَتَطَيَّرُ.
وأصل الفَألِ : الكلمة الحسنة، وكانت العرُب مذهبها في الفَألِ والطِّيرةِ واحداً، فأثبت النبي ﷺ الفَألَ، وأبطل الطِّيرةَ. والفَرْقُ بينهما أن الأرْوَاحَ الإنسانية أقوى وأصْفَى من الأرواح البهيمية والطيرية، فالكلمة التي تَجْري على لسان الإنسان يمكن الاسْتِدْلالُ بها؛ بخلاف طيرانِ الطير، وحَرَكَاتِ البهائم، فإن أرْوَاحَهَا ضعيفة، فلا يمكن الاستدلالُ بها على شيء من الأحوال، ثم قال تعالى :﴿ ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [ أي ] : أن الكل من الله تعالى؛ لأن أكثر الخَلْقِ يُضِيفُونَ الحوادث إلى الاسبابِ المحسوسة، ويقطعونها عن قضاءِ الله وقَدجره، والحق أن الكل من الله؛ لأن كل موجود إما واجب لذاته، أو ممكن لذاته، والواجب لِذَاتِهِ واحد، وما سواه ممكن لذاته والممكن لذاته لا يوجد إلا بإيجاد الوَاجِبِ لذاته، فكان الكل من الله - تعالى -، فإسنادها إلى غير الله يكون جَهْلاً بكمال الله تعالى.
قال الأزهريُّ : قيل للشُّؤم طاءر وطير، لأنَّ العرب كانت إذ خرجت وطار الطَّائِرُ ذات اليسار تشَاءَمُوا بها، فَسَموا الشؤمَ طيراً وطَائِراً لتشاؤمهم بها.
قال القُرْطُبِيُّ : وأصل هذا من الطِّيرةِ وزجر الطَّيْرِ، ثمَّ كَثُر استعمالهم حتَّى قيل لِكُلَ مَنْ تشاءم : تَطّيَّر. وكانت العربُ تَتَيَمَّن بالسَّانِحِ : وهو الذي يأتي من ناحية اليَمينِ وتتشاءهم بالبَارحِ : وهو الذي يأتي من ناحية الشّمَالِ. وكانوا يَتَطَيَّرُون أيضاً بِصَوْتِ الغراب ويتأوَّلُونَهُ البَيْن، ويستدلُّونَ بمجاوبات الطيور بعضها بعضاً على أمور، وبأصواتها في غير أوقاتها المَعْهُودَة على مثل ذلك.
ويتطيّر الأعاجم إذَا رَأوْ صَبِيّاً يُذْهَب به إلى المُعَلِّم بالغَدَاةِ، وَيَتَيمَّنُون برؤية صبيٍّ يرجع من عند المعلم إلى بيته، ويَتَشَاءَمُونَ برؤية السَّقَّاء على ظهره قِرْبَةٌ مملوءةٌ مشدودة، ويتيمَّنُونَ برؤية فارغ السِّقاءِ مفتوحة، ويتشاءَمُونَ برؤية الحَمَّالِ المُثْقَل بالْحِمْلِ والدَّابَّة الموقرة، وَيَتَيَّمنُونَ بالحَمَّال الذي وضع حمله، وبالدَّابة الَّتي وضع عنها.