وقيل : أرض مصر، لأنها أرض القبط.
وقيل : مصر والشَّام، ومشارقها، ومغاربها جهات المشرق، والمغرب ﴿ الَّتِي بَاركْنَا فِيهَا ﴾ بإخراج الزَّرع، والثِّمار، والأنهار.
وقيل : المرادُ جملة الأرض؛ لأنَّه خرج من بني إسرائيل داود وسليمان وقد ملكا الأرْضَ.
قوله :﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الحسنى ﴾. قرأ الحسنُ ورُويت عن أبي عمرو وعاصم كَلِمَات بالجمع.
قال الزمخشر ] ُّ : ونظيره :﴿ لَقَدْ رأى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكبرى ﴾ [ النجم : ١٨ ]. يعني في كون الجمع وُصِفَ بمُفْردٍ.
قال أبُو حيَّان : ولا يتعيَّن في الكُبْرَى ما ذكر لجواز أن يكون التقدير : لَقَدْ رَأى الآية الكُبْرَى، فهو وصفُ مُفْردٍ لا جمعٍ، وهو أبلغُ.
قال شهابُ الدِّين : في بعض الأماكن يتعيَّنُ ما ذكره الزمخشريُّ نحو ﴿ مَآرِبُ أخرى ﴾ [ طه : ١٨ ] وهذه الآية، فلذلك اختار فيها ما يتعيَّن في غيرها والمرادُ بالكلمةِ الحسنى : قوله :﴿ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الذين استضعفوا فِي الأرض ﴾ [ القصص : ٥ ] إلى قوله :﴿ مَّا كَانُواْ يَحْذَرونَ ﴾ [ القصص : ٦ ] والحُسْنَى : تأنيثُ الأحسنِ صفة للكلمة.
وقيل : معنى تمام الكلمةِ : إنجاز الوعْدِ الذي تقدَّم بغهلاك عدوهم. ومعنى :« تَمَّتْ » أي : مَضَتْ واستمرَّتْ من قولهم : تَمَّ عليه الأمر إذَا مَضَى عليه.
قوله بِمَا صَبَرُوا متعلِّق ب « تَمَّتْ » والبَاءُ للسببيَّةِ و « مَا » مصدريةٌ، أي : بسبب صبرهم ومتعلَّقُ الصَّبرِ محذوفٌ أي : على أذَى فرعون وقومه.
قوله :﴿ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ ﴾. يجوزُ ههنا أوجه : أحدها : أن يكون فِرْعَونُ اسم كان، ويَصْنَعُ خبرٌ مقدم، والجملةُ الكونِيَّة صلةُ « ما » والعائد محذوف، والتقديرُ ودَمَّرنا الذي كان فرعون يَصْنَعُهُ، واستضعف أبُو البقاءِ هذا الوجه.
فقال : لأنَّ يَصْنَعُ يَصْلُحُ أن يعمل في فِرْعَوْن فلا يُقَدَّر تأخيره، كما لا يُقدَّر تأخيرُ الفعل في قولك : قام زيدُ. يعني : أنَّ قولك :« قَامَ زَيْدٌ » يجب أن يكونَ من باب الفِعْلِ والفاعل، ولا يجوز أن يُدَّعى فيه أنَّ « قام » فعلٌ وفاعلٌ، والجملةُ خبرٌ مقدمٌ، وزيد : مبتدأ مؤخَّرٌ لأجل اللَّبس بباب الفاعل، فكذا هنا؛ لأنَّ يَصْنَعُ يَصحُّ أن يتسلَّطَ على فِرْعَوْنَ فيرفعهُ فاعلاً فلا يُدَّعَى فيه التقديم، وقد سبقه إلى هذا مكيٌّ.
وقال : ويلزم من يجيز هذا أن يُجيزَ : يقومُ زيدٌ، على الابتداء والخبر، والتَّقديم والتَّأخير، ولمْ يُجزْهُ أحَدٌ.
وقد تقدَّمت هذه المسألةُ وما فيها، وأنَّهُ هل يجوز أن يكون من باب التَّنازع أم لا؟ وهذا الذي ذكراه وإن كان مُتَخَيَّلاً في بادئ الرأي، فإنه كل باب الابتداء، والخبر، ولكن الجَواب عن ذلك : أنَّ المانع في « قَامَ زيدٌ » هو اللَّبس، وهو مفقودٌ هَهُنَا.


الصفحة التالية
Icon