واللغة الثالثة « قَنْوَان » بفتح القاف، وهي قراءة ابي عمرو - رحمه الله تعالى - في رواية هارون عنه، وخرَّجها ابن جني على أنها اسم جمع « قنو » لا جمعاً؛ إذ ليس في صِيَغِ الجمنع ما هو على وَزْن « فَعْلان » بفتح الفاء، ونظَّره الزمخشري ب « رَكْب »، وأبو البقاء - رحمه الله ب « الباقر »، وتنظير أبي البقاء أوْلَى؛ لأنه لا خلاف في « الباقر » أنه سام جمع، وأما « رَكْب » فيه خلاف لأبي الحسن مشهور، ويَدُلُّ على ذلك أيضاً شيء آخر وهو أنه قد سمع في المفرد كسر القاف، وضمها، فجاء الجمع عليهما، وأما الفتح فلم يَرِدْ في المفرد.
واللغة الرابعة « قنيان » بضم القاف مع الياء دون الواو.
والخامسة :« قِنْيان » بكسر القاف مع الياء أيضاً، وهاتان لغتا « تميم » و « ربيعة ».
وأما المفرد فلا يقولونه بالياء أصلاً، بل بالواو، سواء كسروا القاف أو ضموها، فلا يقولون إلا قِنْواً وقُنْواً، ولا يقولون : قِنِياً ولا قُنْياً، فخالف الجمع مفرده في الماة، وهو غريب، واختلف في مدلول « القِنْو » ؛ فقيل : هو الجُمَّار، وهذا يكاد يكون غَلَطاً، وكيف يوصف بكونه دانياً؛ أي : قريب الجَنَى والجُمَّارُ إنما هو في قَلْبِ النخلة؟ والمشهور أنه العِذْقُ كا تقدم ذلك.
وقال ابن عباس : يريد العراجينَ الَّتي قد تدلّت من الطلع دَانِيَةً ممن يَجْتَنيها.
وروي عنه أنه قال قصار النخل اللاصقة عُذُوقها بالأرض.
قال الزجاج ولم يقل : ومنها قنوان بعيدة؛ لأن ذِكْرَ أحد القسمين يَدُلُّ على الثاني، لقوله :﴿ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحر ﴾ [ النحل : ٨١ ]، ولم يقل : سرابيل تقيكم البرد. وقيل أيضاً : ذكر الدانية القريبة، وترك البعيدة؛ لأن النعمة في القريبة أكثر.
قال أبو عبيد :« وإذَا ثَنَّيْتَ » قِنْواً « قلت : قِنْوانِ بكسر النون ثم جاء جمعه على لفظ الاثنين مثل : صِنْو وصِنْوَان، والإعراب على النون في الجمع [ وليس لهما في كلام العرب نظير؛ قال الشاعر :[ الطويل ]
قال شهبا الدين : إذا وقف على » قنوان « المُثَنّى رفعاً، وعلى » قنوان « جمعاً وقع الاشتراك اللفظي، ألا ترى أنك إذا قلت » عندي قنوان « وقفاً احتمل ما ذكرته في التثنية والجمع، وإذا وصلت وقع الفرق، فإنك تجعل الإعراب على النون حال جمعه كغِرْبَان وصردان، وتكسر النون في التثنية، ويقع الفرق أيضاً بوجوه آخر :٢٢٧٠-................ وقال بِقِنوانٍ البُسْرِ أحْمَرَا
منها انقلاب الألف ياء نصباً وجراً في التقينة نحو رأيت قِنْويك وصنويْكَ، ومررت بِقنويْك وصِنْوَيْك.
ومنها : حذف نون التثنية إضافة وثبوت النون في الجمع ].
نحو : جاء قواك وصنواك [ ونوانك وصنوانك ] ومنها في النسب فإنك تحذف علامتي التثنية، فتقول : قنوي وصنوي، ولا تحذف الألف والنون إذا أردت الجمع بل تقول : قنواني وصنواني، وهذا اللفظان في الجمع تكسراً يشبهان الجمع تصحيحاً، وذلك أن كُلاًّ منهما لحق آخره علامتان في حال الجمع مزيدتان، ولم يتغير معهما بناء الواحد، والفرق ما تقدم.