وقال الزمخشريُّ :« والرِّباط : الخَيْلُ التي تُرْبط في سبيل الله ويجوز أن يُسمَّى بالرباط الذي هو بمعنى المرابطة، ويجوزُ أن يكون جمع : رَبيط يعني : بمعنى مَربُوط، ك : فَصِيل وفِصَال. والمصدرُ هنا مضافٌ لمفعوله »
وقرأ الحسنُ، وأبو حيوة، ومالك بن دينار :« ومِنْ رُبُط » بضمتين، وعن الحسن أيضاً « رُبْط » بضم وسكون، نحو : كتاب وكُتْب.
قال ابنُ عطيَّة « وفي جَمْعه، وهو مصدرٌ غيرُ مختلفٍ نظرٌ ».
قال شهابُ الدِّين « لا نُسَلِّم والحالةُ هذه أنه مصدرن بل حكى أبو زيدٍ أنَّ » الرِّبَاط « الخمسةُ من الخيلِ فما فوقها، وأن جمعها » رُبُط « ولو سُلِّم أنَّهُ مصدرٌ فلا نُسَلِّم أنَّهُ لم تختلف أنواعه، وقد تقدَّم أنَّ » رباطاً « يجوزُ أن يكون جمعالً ل » رَبْط « المصدر، فما كان جواباً هناك، فهو جوابٌ هنا ».

فصل


قال القرطبي :« روى أبُو حاتمٍ عن أبي زيد : الرِّباطُ من الخيل : الخَمْسُ فما فوقها، وجماعته » رُبُط «، وهي التي ترتبط، يقال منه : رَبَطَ يَرْبط ربطاً، وارتبط يرتبط ارتباطاً ومربط الخيل ومرابطها وهي ارتباطها بإزاء العدو » قال :[ الكامل ]
٢٧٢٨ - أمَرَ الإلهُ بربْطِهَا لعَدُوِّهِ في الحَرْبِ إنَّ اللَّهَ خَيْرُ مُوفِّقِ
روي أنَّ رجلاً قال لابن سيرين : إنَّ فلاناً أوْصَى بثلثِ ماله للحصون، فقال : هي للخيل؛ ألم تسمع قول الشاعر :[ الكامل ]
٢٧٢٩ - ولَقَدْ علِمْتُ عَلَى تَجَنُّبِيَ الرَّدَى أنَّ الحُصُونَ الخَيْلُ لا مَدَرُ القُرَى
قال عكرمة :« رباط الخَيْلِ : الإناث » وهو قول الفرَّاء؛ لأنها اولى ما يربط لتناسها ونمائها، ذكرهُ الواحديُّ.
ولقائل أن يقول : بل حمل اللَّفظ على الفُحُولِ أولى؛ لأنَّ المقصود برباط الخَيْلِ المحاربة عليها، والفحول أقوى على الكر والفر والعدو، فوجب تخصيص هذا اللفظ بها.
ولمَّا تعارض هذان الوجهان وجب حمل اللفظ على مفهومه الأصلي، وهو كونه خيلاً مربوطاً سواء كانت فحولاً أو إناثاً.
وروي عن خالد بن الوليد « أنه كان لا يركبُ في القتال إلا الإناث، لقلَّة صهيلها ».
روى ابن محيريز قال :« كان الصَّحابةُ يستحبُّون ذكور الخيل عند الصفوف، وإناث الخيل عند الشتات والغارات ».
قال عليه الصَّلاة والسَّلام :« الخَيْلُ مَعْقُودٌ بنواصيها الخَيْرُ إلى يومِ القيامةِ الأجْرُ والمَغْنَمُ » وروى أبو هريرة قال :
قال رسول الله ﷺ « مَن احتبس فرساً في سبيل اللَّهِ إيماناً باللَّهِ، وتصْديقاً بوعْدِهِ، كان شبعه وريُّةُ وبولُهُ حسنات في ميزانِهِ يوَْ القيامةِ »

فصل


وهذه الآية تدل على جواز وقف الخيل والسلاح، واتخاذ الخزائن والخزان [ لها عدة ] للأعداء، ويؤيدهُ حديث ابن عمر في الفرس الذي حمل عليه في سبيل الله، وقوله ﷺ في حقِّ خالد :« وأمَّا خَالدٌ فإِنَّكُم تَظْلمُونَ خالِداً فإنَّه قَد احْتبسَ أدْراعَهُ وأعْتَادَهُ في سبيلِ اللَّهِ ».


الصفحة التالية
Icon