قوله :« لِلَّذِين » متعلق بمحذوف؛ لأنه صفةٌ لرَحْمَة أي : رحمة كائنة للَّذين، يجوزُ أن تكون اللاَّم لامَ المفعول من أجله، كأنَّه قيل : هُدىً ورحمةٌ لأجْلِ هؤلاء، وهُمْ مبتدأ ويَرْهَبُونَ خبره، والجلمةُ صلة الموصول.
قوله : لِررَبِّهم يَرْهَبُونَ. في هذه اللاَّم أربعةُ أوجُهٍ : أحدها أنَّ اللاَّم مقوية للفعل لأنَّهُ لمَّا تقدَّم معمولُه ضَعُفَ فقوي باللاَّم كقوله :﴿ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ ﴾ [ يوسف : ٤٣ ] وقد تقدَّم أنَّ اللاَّم تكونُ مقويةً حيث كان العاملُ مؤخراً أو فرعاً نحو :﴿ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ﴾ [ هود : ١٠٧ ] ولا تُزَادُ في غير هذين إلا ضرورةً عند بعضهم؛ كقول الشاعر :[ الوافر ]
٢٥٨٦ - ولمَّا أنْ تَواقَفْنَا قَليلاً | أنَخْنَا لِلكَلاكِلِ فَارْتَمَيْنَا |
والثاني : أنَّ اللاَّم لامُ العلَّةِ وعلى هذا فمفعولُ يَرْهَبُونَ محذوفٌ، تقديره : يرهبون عقابه لأجله، أي لأجل ربهم لا رياء ولا سمعة وهذا مذهب الأخفش.
الثالث : أنَّها متعلقةٌ بمصدرٍ محذوف، تقديره : الذين هم رهبتهم لربهم.
وهو قول المُبَرِّدِ وهذا غيرُ جارٍ على قواعد البصريين، لأنَّهُ يَلْزَمُ منه حذَفُ المصدر، وإبقاءُ معموله، وهو ممتنعٌ إلاَّ في شعرٍ، وأيضاً فهو تقدير مخرج للكلام عن فصاحته.
الرابع : أنَّخا متعلقةٌ بفعلٍ مُقَدِّرٍ أيضاً، تقديره : يخشعون لربَّه. وذكرهُ أبُوا البقاء، وهو أولى مِمَّا قبله.
وقال ابْنُ الخطيبِ : قد يزادُ حرفُ الجرِّ في المفعول، وإن كان الفعل متعدياً، كقوله : قرأتُ في السُّورة وقرأ السُّورة، وألْقَى يَدَهُ « وألقى بيده »، قال تعالى ﴿ أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ الله يرى ﴾ [ العلق : ٤ ] فعلى هذا تكون هذه اللام صلةً وتأكيداً كقوله ﴿ رَدِفَ لَكُم ﴾ [ النمل : ٧٢ ]، وقد ذكروا مثل هذا في قوله :﴿ وَلاَ تؤمنوا إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ ﴾ [ آل عمران : ٧٣ ].