وقال آخر :[ الرمل ]

٢٧٥٦- أفْسَدَ النَّاسَ خُلُوفٌ خَلَفُوا قَطَعُوا الإِلَّ وأعْرَاقَ الرَّحِمْ
وفي حديث أمِّ زرع بنت أبي زرع :« وفيُّ الإلِّ، كريمُ الخِلِّ، بَرُودُ الظِّلِّ » أي؛ وفَيُّ العهد.
الثاني : أنه القرابةُ، قاله ابنُ عبَّاسٍ والضحاك، وبه قال الفراء وأنشدوا لحسان :[ الوافر ]
٢٧٥٧- لَعَمْرُكَ إِنَّ إِلَّكَ مِنْ قُريشٍ كإِلِّ السَّقْبِ من رَألِ النَّعَامِ
وأنشد أبو عبيدة على ذلك قوله :[ الرمل ]
٢٧٥٨-......................... قَطَعُوا الإِلَّ وأعراقَ الرَّحِمْ
والظَّاهر أنَّ المراد به العهد - كما تقدَّم - لئلاَّ يلزم التكرار.
الثالث : أنَّ المراد به الله - تعالى - أي : هو اسم من أسمائه، واستدلُّوا على ذلك بحديث أبي بكر لمَّا عرض عليه كلام مُسَيْلمة - لعنه الله - « إنَّ هذا الكلام لم يخرج من إلّ »، أي : الله - تعالى - قاله أبو مجْلزٍ، ومجاهد وقال عبيد بن عمير : يُقرأ جِبْرَئل بالتشديد، يعني عبد الله ولم يرتض هذا الزجاج، قال :« لأنَّ أسماءه - تعالى - معروفة في الكتابِ والسُّنَّةِ - ولم يُسمَعْ أحدٌ يقول : يا إلُّ، افعلْ لي كذا ».
الرابع : أنَّ :« الإلَّ » الجُؤار، وهو رفعُ الصَّوت عند التحالُف، وذلك أنهم كانوا إذا تماسحوا، وتحالفوا، جأرُوا بذلك جُؤاراً. ومنه قول أبي جهل :[ الطويل ]
٢٧٥٩- لإلِّ عَليْنَا واجب لا نُضيعُهُ مَتِينٍ قُوَاهُ غَيْرِ مُنْتكِثِ الحَبْلِ
الخامس : أنه من : ألَّ البرقُ، أي : لَمَعَ.
قال الأزهريُّ :« الأليل : البريق، يقال : ألَّ يؤلُّ، أي : صَفَا ولَمَعَ »، ومنه الألَّة، للمعانها.
وقيل : الإلّ من التحديد، ومنه « الألَّةٌ » الحَرْبة، وذلك لحدَّتها، وقد جعل بعضهم بين هذه المعاني قدراً مشتركاً، يرجعُ إليه جميعُ ما تقدَّم، فقال الزَّجَّاجُ :« حقيقةُ الإلِّ عندي على ما تُوحيه اللغة : التحديد للشيء، فمن ذلك الألَّةُ : الحَرْبَةُ، وأذنٌ مُؤلَّلَة، فالإلُّ يخرج في جميع ما فُسِّر من العهد، والقرابةِ، والجُؤارعلى هذا، فإذا قلت في العهد : بينهما إلٌّ، فتأويلُه أنَّهُمَا قد حَدَّدَا في أخْذ العهود، وكذلك في الجُؤار والقرابة ».
وقال الرَّاغبُ :« الإِلُّ » كلُّ حالةٍ ظاهرة من عَهْدٍ، وحِلْفٍ، وقرابة تَئِلُّ، أي : تَلْمَعُ، وألَّ الفرسُ : أسرع. والألَّةُ : الحرْبَةُ اللاَّمعة « وأنشد غيرُهُ على ذلك قول حماس بن قيسٍ يوم فتح » مكَّة « :[ الرجز ]
٢٧٦٠- إنْ تَقْتلُوا اليوْمَ فَمَا لِي عِلَّه... سِوَى سِلاحٍ كاملٍ وألَّه... وذِي غِرَارَيْنِ سَريعِ السَّلَّه... قال : وقيل : الإلُّ والإيلُ : اسماه لله - تعالى -، وليس ذلك بصحيحٍ.
قال الأزهريُّ »
« إيل » من أسماء الله بالعبرانية؛ فجاز أن يكون عُرِّب، فقيل :« إلّ » والأللان : صفحتا السكّين «. انتهى، ويجمع الإلُّ في القلَّة على آلِّ، والأصل :» أألُل « بزنة » أفْلُس «، فأبدلت الهمزةُ الثانية ألفاً، لسكونها بعد أخرى مفتوحة، وأدغمت اللاَّمُ في اللام، وفي الكثرة على » إلالٍ « ك » ذِئْب وذِئَاب «.


الصفحة التالية
Icon