وهذا قولٌ ضعيفٌ جدّاً، لا تحقيقَ له.
فصل في تفسير هذه الصفات
قوله « التائبون » قال ابنُ عبَّاسٍ : التَّائِبُونَ من الشِّرْكِ وقال الحسنُ : من الشِّرك والنفاق. وقيل : التائبون الراجعون عن الحالة المذمومة قال القرطبيُّ :« الراجع إلى الطَّاعة أفضل من الراجع عن المعصية، لجمعه بين الأمرين » وقال الأصوليُّون : التَّائبُونَ من كلِّ معصيةٍ، لأنَّها صيغة عموم محلاة بالألف واللام فتتناول الكل، فالتخصيص تحكم. و « العَابِدُونَ » قال ابنُ عباسٍ « الذين يؤدُّون العبادة ا لواجبة عليهم » وقال غيره : المطيعون الذين أخلصُوا العبادة لله تعالى وقال الحسنُ « هم الذين عبدُوا الله في السَّراء والضَّراء » وقال قتادةُ « قوم أخذوا من أبدانهم في ليلهم ونهارهم » الحامدون « الذين يحمدون الله على كُلِّ حال في السّراء والضّراء. قال ﷺ :» أوَّلُ مَنْ يُدعَى إلى الجنَّةِ يوْمَ القيامةِ الذين يَحمدُونَ الله فِي السَّراءِ والضَّراءِ «.
» السائحون « قال ابنُ مسعودٍ : الصائمون. وقال ابن عباس » ما ذكر في القرآن من السياحة فهو الصيام « وقال ﷺ :» سياحةُ أمتي الصيامُ «. » وعن الحسن « أنَّ هذا صوم الفرض » وقيل : هم الذين يديمون الصيام. قال سفيانُ بنُ عيينة « إنَّما سُميَ الصَّائمُ سائحاً، لتركه اللذات كلها، من المطعم والمشرب والنكاح » وقال عطاءٌ :« السَّائحون هم الغزاةُ في سبيل الله » وهو قول مسلم. وقال عكرمةُ :« هم طلبة العلم، ينتقلون من بلدٍ إلى بلدٍ » وقوله ﴿ الراكعون الساجدون ﴾ يعني : المُصلِّين. وقوله ﴿ الآمرون بالمعروف ﴾ بالإيمان ﴿ والناهون عَنِ المنكر ﴾ عن الشّرك. وقيل : المعروفُ : السنّةُ، والمنكر : البدعة.
قوله :﴿ والحافظون لِحُدُودِ الله ﴾ القائمون بأوامر الله. وقال الحسنُ « أهلُ الوفاءِ ببيعة الله ».
قوله تعالى :﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ والذين آمنوا أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ ﴾ الآيات.
لمَّا بيَّن في أول السُّورة إلى هذا الموضع وجوب البراءة عن المشركين، والمنافقين من جميع الوجوه، بيَّن في هذه الآية وجوب البراءة عن أمواتهم، وإن كانوا في غاية القُرْبِ من الإنسان كالأب والأم، كما أوجب البراءة عن الأحياء منهم.
قال ابنُ عباسٍ : لمَّا فتح رسُول الله ﷺ مكَّة، أتى قبر أمه آمنة، فوقف عليه حتى حميت الشمسُ، رجاء أن يؤذن له ليستغفر لها، فنزلت ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ والذين آمنوا أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ ﴾ وعن أبي هريرة قال :« زَارَ النبيُّ ﷺ قبرَ أمه فبكَى وأبْكَى من حولهُ، فقال :» اسْتأذَنْتُ ربِّي في أنْ أسْتَغْفِرَ لها؛ فَلمْ يُؤذَنْ لِي واسْتَأذَنتُهُ في أنْ أزُورَ قَبْرهَا فأذِنَ لِي، فزُورُوا القُبُور فإنَّهَا تُذكرُ المَوْتَ «.