﴿ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ ﴾ [ البقرة : ٦ ] والرَّدُ بمثل هذا غير « طائل ».
وأما قوله في البقرة ﴿ خَطَايَاكُمْ ﴾ وههنا « خَطِيئَاتِكُم » فهو إشارة على أنَّ هذه الذنوب سواء كانت قليلة، أو كثيرة، فهي مغفورةٌ عند الإتيان بهذا الدُّعاء.
وأما قوله هناك « وسَنَزِيدُ » بالواوِ، وههُنَا حذفها ففائدته أنه استئناف، كأنَّ قائلاً قال : وماذا حصل بعد الغُفْرانِ؟
فقيل لهخ :« سَنَزِيدُ المُحْسنينَ ».
وأام قوله هناك « فأنَزلْنَا »، وههُنَا « فأرْسَلْنَا » فلأنَّ الإنزالَ لا يشعر بالكَثْرَةِ، والإرسَال يشعر بها، فكأنَّهُ تعالى بدأ بإنزال العذابِ القليل، ثمَّ جعله كثيراً، وهو نظيرُ الفرقِ بين قوله ﴿ فانبجست ﴾ [ الأعراف : ١٦٠ ] وقوله ﴿ فانفجرت ﴾ [ البقرة : ٦٠ ].
وأمَّا قوله هناك ﴿ عَلَى الذين ظَلَمُواْ ﴾ [ البقرة : ٥٩ ]، وههُنَا « عَلَيْهِمْ » فهو إيذان بأنَّ هؤلاء المضمرون هم أولئك، وأمَّا قوله هَهُنَا « يَظْلمُونَ » وهناك « يَفْسُقُونَ » فلأنهم موصوفون بأنهم كانوا ظالمينَ لأنَّهم ظلموا نفسهم، وبكونهم فاسقين، لأنَّهُمْ خَرَجُوا عن طاعةِ اللَّهِ.
قوله :﴿ نَّغْفِرْ لَكُمْ خطيائاتكم ﴾ قد تقدَّم الخلافُ في « نَغْفِر » وأمَّا « خَطِيئَاتِكُمْ » فقرأها ابن عامر « خَطِيئَتُكُم » بالتَّوحيد، والرَّفع على ما لم يُسَمَّ فاعله، والفرض أنه يقرأ « تغفرْ » بالتَّاء من فوق. ونافع قرأ « خَطِيئَاتِكُم » بجمع السَّلأامة، رفعاً على ما لم يُسَمَّ فاعلُه؛ لأنَّهُ يقرأ « تُغْفرُ لكم » كقراءة ابن عامر.
وأبو عمرو قرأ « خَطَايَاكُم » جمع تكسير، ويَقْرأ « نَغْفِرْ » بنون العظمة. والباقون « نَغْفِرْ » كأبي عمرو، « خَطِيئَاتِكُمْ » بجمع السَّلامة منصوباً بالكسرة على القاعدة. وفي سورة نوح قرأ أبو عمرو « خطاياهم » بالتكسير أيضاً، والباقون بجمع التصحيح.
وقرأ ابنُ هرمز « تُغْفَرْ » بتاءٍ مضمومة مبيناً للمفعول، كنافع، « خَطَايَاكُم » كأبي عمرو، وعنه « يَغْفِرْ » بياء الغيبة، وعنه « تَغْفِر » بفتح التَّاءِ من فوق، على معنى أنَّ « الحِطَّة » سببٌ للغفران، فنسب الغفران إليها.