وقرأ نصر في رواية مالك بن دينار عن « بَأسٍ » بفتح الباء والهمزة وجر السِّين، بزنة « جَبَلٍ ».
وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي وطلحة بن مصرف « بَئِسٍ » مثل كبد وحذر.
قال عبيد الله بن قيس :[ المديد ]

٢٦٠٥ - لَيْتَنِي ألْقَى رُقَيَّةَ فِي خَلْوَةٍ مِنْ غَيْرِ مَا بَئِسِ
وقرأ نصر بنُ عاصم في رواية بَيِّسٍ بهمزةٍ مشددة.
قالوا : قلب الياء همةً وأدغمها في مثلها. ورويت هذه عن الأعمش أيضاً.
وقرأت طائفة بَأسَ بفتح الثلاثة، والهمزة مشددة، فعلاً ماضياً، ك « شَمَّرَ »، وطائفة أخرى بَأسَ كالتي قبلها إلاَّ أنَّ الهمزة خفيفةٌ، وطائفة بَائسٍ بألف صريحة بين الباءِ والسِّينِ المجرورة، وقرأ أهل المدينة بِئيسٍ ك :« رَئِيسٍ »، غلاَّ أنهم كسروا الباء، وهذه لغةُ تميم في فعيل الحلقيِّ العين نحو : بِعِير، وشِعِير، وشِهيد، سواء أكان اسماً أم صفة.
وقرأ الحسن والأعمس « بِئْيَسٍ » بياء مكسورة، ثم همزة ساكنة، ثم يا مفتوحة، بزنة « حِذْيَم »، و « عِثْيَر ».
وقرأ الحسنُ بِئْسَ بكسر الباءِ، وسكون الهمزة وفتح السِّينِ، جعلها التي للذَّمِّ في نحو : بِئْسَ الرجل زيدٌ.
ورُويت عن أبي بكر.
وقرأ الحسن أيضاً كذلك، إلاَّ أنه بياءٍ صريحة، وتخريجها كالتي قبلها، وهي مرويةً عن نافع وقد ردَّ أبو حاتم هذه القراءةَ والتي قبلها بأنَّهُ لا يقالُ : مررت برجلٍ بِئْسَ، حتَّى يقال بِئْسَ الرجل، أو بئس رجلاً.
قال النَّحَّاس : وهذا مردودٌ - يعني قول أبي حاتم - حكى النحويون : إن فعلت كذا وكذا فبها ونعمت، أي : ونعمت الخصلة، والتقدير : بِئْسَ العذابُ.
قال شهابُ الدِّينِ : أبو حاتم معذورٌ في القراءة، فإنَّ الفاعل ظاهراً غير مذكور، والفاعل عمدةٌ لا يجوز حذفه، ولكنه قد ورد في الحديث مَنْ تَوضَّأ فبها ونعْمتُ، ومن اغتسَلَ فالغُسْلُ أفضلُ ففاعل « نِعْمَتْ » هنا مضمرٌ يفسِّرُهُ سياقُ الكلام.
قال أبُو حيَّان : فهذه اثنتان وعشرون قراءةً، وضبطُها بالتَّلخيص : أنَّها قُرِئتْ ثلاثية اللَّفْظِ، ورباعَّيتَهُ، فالثُّلاثي اسماً : بِئْسٍ، وَبِيْسٍ، وبَيْسٍ، وبَأْسٍ، وبَأَسٍ، وبَئِسٍ، وفعلاً بِيْسَ وبِئْسَ، وبَئِسَ، وبَأَسَ، وبَأْسَ، وبَيِسَ.
والرباعية اسماً : بَيْئَسٍ، وبِيْئِسٍ، وبَيْئِسٍ، وبَيِّسٍ، وبَئِيْسٍ، وبِئَيْسٍ، وبِئْيِسٍ، وبِئْيَسٍ، وفعلاً : بَأَّسَ «.
وقد زا أبو البقاء أربع قراءات أخر : بَيِس بباء مفتوحة وياء مكسورة.
قال : وأصلها همزة مكسورة فأبدلت ياء، وبَيَس بفتحهما.
قال : وأصلها ياء ساكنة وهمزة مفتوحة إلاَّ أنَّ حركة الهمزة ألقيت على الياء وحذفت، ولم تقلب الياء ألفاً، لأنَّ حركتها عارضةٌ. وبَأْيَسٍ بفتح الباء، وسكون الهمزة وفتح الياء.
قال : وهو بعيد إذ ليس في الكلام »
فَعْيَل « وبَيْآس على فَيْعَال. وهو غريب.
قوله تعالى :﴿ فَلَماَّ عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ ﴾ الآية.


الصفحة التالية
Icon