قوله :﴿ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ﴾ « وقَدْ كُنتُم » جملةٌ حاليةٌ، قال الزمخشري :« وقد كُنتُم به تَستعجلُون؛ يعني : تُكذِّبُونَ؛ لأنَّ استعجالهم كان على جهةِ التَّكذيب، والإنكار ».
فجعله من باب الكناية؛ لأنَّه دلالةٌ على الشَّيء بلازمه، نحو « هو طويلُ النَّجاد » كنيت به عن طُول قامته؛ لأنَّ طولَ نجاده لازمٌ لطول قامته، وهو باب بليغٌ.
وقوله :﴿ ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ﴾ هذه الجملةُ على قراءة العامَّة؛ عطفٌ على ذلك الفعل المقدَّر الناصب ل « الآن » وعلى قراءة طلحة هو استئناف إخبار عمَّا يقال لهم يوم القيامة، و « ذُوقُوا » و « هَلْ تُجزَونَ » كلُّه في محلِّ نصبٍ بالقول، وقوله :« إلاَّ بِمَا » هو المفعولُ الثاني ل « تُجْزَون »، والأولُ قائمٌ مقام الفاعلِ، وهو استثناءٌ مفرَّغٌ.
فصل
دلَّت الآية على أنَّ الجزاء يوجب العمل، أمَّا عند الفلاسفة : فهو أثر العمل، وأمَّا عند المعتزلة : فإنَّ العمل الصَّالح يوجب استحقاق الثَّواب على الله - تعالى -، وأما عند أهل السنة؛ فلأنَّ ذلك الجزاء واجب بحكم الوعد المحض.
قالت المعتزلةُ : ودلَّت الآية على كون العبد مكتسباً، وعند أهل السُّنَّة معناها : أنَّ مجموع القُدْرَة مع الدَّاعية الحاصلة يوجب الفعل.