وقيل : كان ابن امرأته، ويدلُّ عليه ما تقدَّم من القراءة.
وقال قتادة : سألت الحسن عنه فقال : والله ما كان ابنه فقلت : إنَّ الله - تعالى - حكى عنه أنه قال :﴿ إِنَّ ابني مِنْ أَهْلِي ﴾ [ هود : ٤٥ ] وأنت تقولُ : ما كان ابناً له، فقال : لَمْ يقل : إنَّ ابني منِّي، وإنَّما قال : من أهلي، وهذا يدلُّ على قولي.
وقيل : ولد على فراشه، قالوا : لقوله تعالى في امرأة نوح، وامرأة لوط ﴿ فَخَانَتَاهُمَا ﴾ [ التحريم : ١٠ ].
قال ابن الخطيب : وهذا قول خبيثٌ يجب صون منصب الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - عن هذه الفضيحةِ لا سيما هو على خلاف نصِّ القرآن.
وأمَّا قوله تعالى :﴿ فَخَانَتَاهُمَا ﴾ [ التحريم : ١٠ ] فليس فيه أنَّ تلك الخيانة كانت بالسَّبب الذي ذكروه.
قيل لابن عباس - رضي الله عنه - : كيف كانت تلك الخيانةُ، فقال : كانت امرأة نوح تقول : زَوْجي مجنونٌ، وامرأة لوط تدلُّ الناس على ضيفه، إذا نزلُوا به، ويدلُّ على فسادِ هذا القول قوله تعالى :﴿ الخبيثات لِلْخَبِيثِينَ والخبيثون لِلْخَبِيثَاتِ ﴾ [ النور : ٢٦ ] وقوله :﴿ والزانية لاَ يَنكِحُهَآ إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلك عَلَى المؤمنين ﴾ [ النور : ٣ ].
قوله :﴿ يابني اركب مَّعَنَا ﴾ قرأ البزيُّ، وقالون، وخلاَّد بإظهار باء « ارْكَب » قبل ميم « مَنَعَنَا » والباقون بإدغامها في الميم، وقرأ عاصم هنا « يَا بُنَيَّ » بفتح الياء. وأمَّا في غير هذه السُّورة فإنَّ حفصاً عنه فعل ذلك. والباقون : بسكر الياء في جميع القرآن إلا ابن كثير؛ فإنَّهُ في الأول من لقمان، وهو قوله :﴿ يابني لاَ تُشْرِكْ بالله ﴾ [ لقمان : ١٣ ] فإنَّه سكَّنهُ وصْلاً ووقْفاً، وفي الثاني كغيره أنَّهُ يكسر ياءه، وحفص على أصله من فتحه. وفي الثالث وهو قوله :﴿ يابني أَقِمِ الصلاة ﴾ [ لقمان : ١٧ ] اختلف عنه فروى البزي كحفصٍ، وروى عنه قنبل السُّكون كالأول. هذا ضبط القراءة.
وأمَّا تخريجها فمن فتح فقيل : أصلها :« يَا بُنَيَّا » بالألف فحذفت الألفُ تخفيفاً، اجترأ عنها بالفتحةِ كما تقدَّم. وقيل : بل حذفت لالتقاءِ الساكنين؛ لأنَّهما وقع بعدها راءُ « ارْكَبْ » وهذا تعليلٌ فاسدٌ جدّاً، بدليل سقوطها في سورة لقمان في ثلاثة مواضع حيث لا ساكنان. وكأنَّ هذا المُعلَّل لم يعلمْ بقراءةِ عاصم في غير هذه السورة، ولا بقراءة البزِّي في « لقمان »، وقد نقل ذلك أبو البقاءِ ولمْ ينكرهُ. وكذلك قال الزمخشريُّ أيضاً.
وأمَّا من كسر فحذفت الياءُ أيضاً : إمَّا تخفيفاً وهو الصحيحُ، وإما لالتقاء الساكنين، وقد تقدَّم فسادهُ. وأمَّا من سكَّن فلما رأى من الثِّقَلِ مع مطلق الحركةِ، ولا شكَّ أنَّ السُّكونَ من أخفِّ الحركاتِ، ولا يقالُ : فلمَ وافق ابنُ كثير غير حفص في ثاني لقمان، ووافق حفصاً في الأخيرة في رواية البزي عنه، وسكَّن الأول؟ لأنَّ ذلك جمع بين اللغات، والمفرَّق آتٍ بمحالٍ.


الصفحة التالية
Icon