قوله :﴿ قِيلَ يانوح ﴾ الخلافُ المتقدم في قوله :﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ ﴾ [ البقرة : ١٣ و ٩١ ] وشبهه عائدٌ هنا، أي : في كونِ القائم مقام الفاعلِ الجملة المحكيةَ أو ضمير مصدرِ الفعل.
قوله :« بِسَلاَمٍ » حالٌ من فالع « اهْبِطْ » أي : مُلْتَبساً بسلامٍ. و « مِنا » صفةٌ ل :« سَلام » فيتعلق بمحذوفٍ أو هو متعلقٌ بنفس « سلام »، وابتداءُ الغاية مجازٌ، وكذلك « عَلَيْكَ » يجوز أن يكون صفة ل « بَركات » أو متعلقاً بها.
ومعنى « اهْبِطْ » انزل من السفينة، وعدهُ عند الخروج بالسَّلامة أولاً، ثم بالبركةِ ثانياً.
والبركة : ثبوت الخير ومنه بروك البعير، ومنه البركةُ لثبوت الماء فيها، ومنه ﴿ تَبَارَكَ الله ﴾ [ الأعراف : ٥٤ ] أي : ثبت تعظيمه وقيل : البركةُ ههنا هي أنَّ الله - تعالى - جعل ذريته هم الباقين إلى يوم القيامة، ثم لمَّا بشَّرهُ بالسَّلامة والبركةِ شرح بعده حال أولئك الذين كانوا معه فقال :﴿ وعلى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ ﴾ قيل : المرادُ الذين معه، وذرياتهم، وقيل : ذريَّة من معهُ.
قوله ﴿ مِّمَّن مَّعَكَ ﴾ يجوز في « مَنْ » أن تكون لابتداء الغاية، أي : ناشئة من الذين معك، وهم الأمم المؤمنون إلى آخر الدَّهْر، ويجوز أن تكون « مِنْ » لبيان الجنس، فيراد الأمم الذين كانُوا معه في السفينة؛ لأنَّهم كانوا جماعاتٍ.
وقُرِىء « اهْبُط » بضمِّ الباءِ، وقد تقدَّم أول البقرة، وقرأ الكسائيُّ - فيما نُقِل عنه - « وبركة » بالتوحيد.
قوله :« وأمم » يجوزُ أن يكون مبتدأ، و « سَنُمَتِّعُهُمْ » خبره، وفي مسوغ الابتداء وجهان :
أحدهما : الوصفُ التقديري، إذ التقديرُ : وأممٌ منهم، أي : ممَّن معك كقولهم :« السَّمْن منوان بدرهم » ف « مَنَوان » مبتدأٌ وصفَ ب « منه » تقديراً.
والثاني : أنَّ المسوِّغ لذلك التفصيلُ نحو :« النَّاسُ رجلان : رجلٌ أهَنْتُ، وآخرُ أكْرَمْتُ » ومنه قول امرىء القيس :[ الطويل ]
٢٩٧٩- إذَا مَا بَكَى مِنْ خَلْفهَا انحَرفَتْ لهُ | بِشِقٍّ وشِقٍّ عندنَا لَمْ يُحَوَّلِ |