٣٠٣١- مِثْلَ الحَريقِ وَافَقَ القَصَبَّا... يريد : القَصَبَ، فلمَّا أشبع الفتحة تولَّدت منها ألفٌ، وضعَّف الحرف؛ وكذلك قوله :[ الرجز ]

٣٠٣٢- بِبَازلٍ وجْنَاءَ أوْ عَيْهَلِّي كأنَّ مَهْواهَا عَلى الْكَلْكَلِّ
شدَّد اللام مع كونها حشْواً بياء الإطلاقِ، وقد يُفرَّق بأنَّ الألف والياء في هذين البيتين في حكم الطَّرح؛ لأنَّهما نَشَآ من حركةٍ بخلاف ألف :« لمَّا » فإنَّها أصليةٌ ثابتةٌ، وبالجملة فهُو وجهٌ ضعيفٌ جدًّا.
الرابع : أنَّ أصلها « لمًّا » بالتنوين ثم بين منهُ « فَعْلى » فإن جعلت ألفهُ للتَّأنيث، لم تصرفه، وإنْ جعلتها للإلحاق صرفتهُ، وذلك كما قالوا في « تَتْرى » بالتنوين وعدمه، وهو مأخوذ من قولك : لَمَمْتُهُ : أي جمعتُهُ، والتقدير : وإن كُلاًّ جميعاً لويفينَّهُمْ، ويكون « جَميعاً » فيه معنى التوكيد ك « كل »، ولا شكَّ أنَّ « جميعاً » يفيدُ معنى زائداً على « كل » عند بعضهم قال : ويدلُّ على ذلك قراءة من قرأ :« لمَّا » بالتنوين.
الخامس : أنَّ الأصل « لمًَّا » بالتنوين أيضاَ، ثمَّ أبدل التنوين ألفاً وقفاً، ثم أجري الوصل مجرى الوقف، وقد منع من هذا الوجه أبو عبيدة قال : لأنَّ ذلك إنَّما يجوز في الشعر يعني إبدال التنوين ألفاً وصلاً إجراءً لهُ جرى الوقف، وسيأتي توجيه قراءة « لمَّا » بالتنوين.
وقال ابنُ الحاجبِ :« استعمالُ » لمَّا « في هذا المعنى بعيد، وحذفُ التنوين من المُنْصَرف في لاوصل أبعدُ، فإن قيل :» لمَّا « فعلى من اللَّمِّ، ومُنِعَ الصرف لأجل ألف التأنيث، والمعنى فيه مثل معنى » لمَّا « المُنْصَرف فهو أبعدُ، إذ لا يعرفُ » لمَّا « فعلى بهذا المعنى ولا بغيره، ثم كان يلزمُ هؤلاء أن يميلوا كمن أمال، وهو خلافُ الإجماع، وأن يكتبوها بالياء، وليس ذلك بستقيم ».
السادس : أنَّ « لمَّا » زائدة كما تزاد « إلا » قالهُ أبو الفتح وغيره، وهذا وجهٌ لا اعتبار به، فإنَّه مبنيُّ على وجهٍ ضيف أيضاً، وهو أنَّ « إلاَّ » تأتي زائدة. _@_ السابع : أنَّ « إنْ » نافيةٌ بمنزلة « ما »، و « لمَّا » بمعنى « إلاّ » فهي كقوله :﴿ إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ﴾ [ الطارق : ٤ ] أي : ما كلُّ نفس إلاَّ عليها ﴿ وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ ﴾ [ الزخرف : ٣٥ ] أي : ما كل ذلك إلا متاع. واعترض على هذا الوجه بأنَّ « إنْ » النافية لا تنصبُ الاسم بعدها، وهذا اسمٌ منصوبٌ بعدها وأجابَ بعضهم عن ذلك بأنَّ « كلاًّ » منصوبٌ بإضمار فعلٍ، فقدَّرهُ قومٌ منهم أبو عمرو ابنُ الحاجبِ : وإن أرى كلاًّ، وإن أعلمُ ونحوه، قال : ومِن هنا كانتْ أقلَّ إشكالاً من قراءة ابن عامر لقبولها هذا الوجه غيرُ مُسْتبعدٍ ذلك الاستعباد وإنْ كان في نَصْبِ الاسم الواقعِ بعد حرف النًَّفِي استبعادٌ، ولذلك اختلف في مثل :[ الوافر ]


الصفحة التالية
Icon