وقال السدي : لا تداهِنُوا الظَّلمة.
وعن كرمة : لا تطيعوهم وقيل لاتسكنوا إلى الذين ظلمُوا « فتَتَمسَّكُم »، فتصيبكم « النَّارُ وما لَكُم من دُونِ الله من أولياءَ » أي : ليس لكم أولياء ولا أعوان يخلصونكم من عذاب الله، ثُمَّ لا تجدُوا من ينصركُمْ.
قوله تعالى :﴿ وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَيِ النهار ﴾ الآية.
لمَّا أمره بالاستقامة أردفهُ بالأمر بالصَّلاة، وذلك يدلُّ على أنَّ أعظم العبادات بعد الإيمان بالله هو الصلاة.
قوله :﴿ طَرَفَيِ النهار ﴾ ظرفٌ ل « أقِم » ويضعف أن يكون ظرفاً للصلاة، كأنه قيل : أي أقم الصَّلاة الواقعة في هذين الوقتين، والطرف، وإن لم يكن ظرفاً، ولكنَّه لمَّا أضيف إلى كلها على الظرف لمَّّا أضيفت إليه، وإن كانت ليست موضوعة للظَّرفية.
وقرأ العامَّةُ « زُلَفاً » بضمِّ الزاي، وفتح اللام، وهي جمعُ « زُلْة » بسكون اللام، نحو : غُرَف في جمع غُرفة، وظُلَم في جمع ظُلمه. وقرأ أبو جعفر وابنُ أبي إسحاق بضمها، وفي هذه القراءةِ ثلاثةُ أوجه :
أحدهما : أنَّهُ جمع « زُلْفَة » أيضاً، والضَّمُّ للإتباع، كما قالوا : بسْرة وبُسُر بضم السين إتباعاً لضمَّة الباء.
الثاني : أنَّهُ اسمٌ مفرد على هذه الزِّنةِ ك : عُنُق.
الثالث : أنه جمعُ « زَلِيف » قال أبو البقاءِ :« وقد نُطِف به »، يعني أنَّهم قالوا زَليف، و « فعيل » يجمعُ على « فُعُل » نحو : رَغِيف ورغف، وقَضِيب وقضُب.
وقرأ مجاهدٌ وابنُ محيصنٍ بإسكان اللاَّم وفيها وجهان :
أحدهما : أنَّهُ يحتمل أن تكون هذه القراءةُ مخفَّفةً من ضمِّ العين فيكون فهيا ما تقدَّم.
والثاني : أنَّهُ سكونُ أصلٍ من باب اسم الجنس نحو : بُسْرة وبُسْ من غير إتباع.
وقرأ مجاهد وابن محيصنٍ وأيضاً في رواية :« وزُلْفَى » بزنة :« حُبْلَى » جعلوها على صفةِ الواحدة المؤنثة اعتباراً بالمعنى؛ لأنَّ المعنى على المنزلة الزُّلفى، أو الساعة الزُّلْفَى، أي : القريبة.
وقد قيل : إنَّه يجوز أن يكون أبدلا التنوين ألفاً ثم أجرياص الوصل مجرى الوقف فإنَّهُما يقرآن بسكون اللاَّم وهو محتملٌ.
وفي انتصاب :« زُلَفاً » وجهان :
أظهرهم : أنه نسقٌ على « طَرفي » فينتصب الظَّرف، إذ المراد بها ساعات الليل القريبة.
والثاني : أن ينتصب انتصابَ المفعول به نسقاً على الصَّلاة.
قال الزمخشريُّ- بعد أن ذكر القراءات المتقدمة- : وهو ما يقرب من آخر النَّهار ومن الليل، وقيل : زُلَفاً من الليل وقُرْباً من الليل، وحقُّها على هذا التفسير أن تعطف على الصلاة، أي : أقم الصلاة طرفي النَّهار، وأقم زُلفاً من اللَّيل على معنى صلوات تقرَّبُ بها إلى الله تعالى في بعض الليل.
والزُّلفةُ : أول ساعات الليل، قاله ثعلبُ. وقال الأخفش وابنُ قتيبة :« الزلف : ساعات الليل وآناؤه، وكلُّ ساعة منه زلفة » فلم يخصصاه بأوَّلِ الليلِ؛ وقال العداد :[ الرجز ]