روى الزمخشريُّ : رحمه الله :« أن يهُودِيًّا جاء إلى النبيِّ صلى الله عليه سولمن فقال يا محمَّد : أخبرني عن النُّجُوم التي رآهُن يوسف، فسكت النبي ﷺ ؛ فنزل جبريل عليها لسلام فأخبره بذلك؛ فقال ﷺ لليهوديَّ : إن أخبرتك بذلك هل تسلم؟ قال : نَعمْ؛ فقال النبي ﷺ وشرف وكرم ومجد وبجل وعظم : حرثان، والطارق والذيال، وقابس، وعمودان، والفليق، والمصبح، والقرع، والضروح ووثاب، وذو الكتفين رآها يوسف، والشمس والقمر [ نَزلْنَ ] من السَّماء، وسجدن لهُ، فقال اليهوديُّ : أي والله إنَّها لأسماؤها ».
واعلم ان كثيراً من هذه الأسماء غير مذكورة في الكتب المصنفة في صُور الكواكب.

فصل


زعمت طائفةٌ من العلماء : أ، ه لم يكن في أولاد يعقُوب نبيٌّ غير يُوسف ﷺ وباقي إخوته لم يوح إليهم، واستدلُّوا بظاهر ما ذُكر من أفعالهم، وأحوالهم في هذه القصَّة، ومن استدلَّ على نُبوتهم، استدلَّ قوله تعالى :﴿ آمَنَّا بالله وَمَآ أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ إلى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ والأسباط ﴾ [ البقرة : ١٣٦ ] وزعم أنَّ هؤلاء : هم الأسباط، وهذا استدلال ضعيفٌ؛ لأن المراد بالأسباط : شُعوب بني إسرائيل، ما كان يوجد فيهم من الأنبياء الذين نزل عليهم الوحي، وأيضاً : فإنَّ يوسف ﷺ هو المخصُوص من بين إخوته بالنبوة والرسالة؛ لأنَّه نصَّ على نُبوَّته، والإيحاء إليه في آيات من القرآن ولم ينصَّ على أحد إخوته سواه؛ فدلَّ على ما ذكرنا.

فصل


في الآية دليل على تحذير المسلم أخاهُ المسلم، ولا يكُون ذلك داخلاً في معنى الغيبة؛ لأنَّ يعقُوب قد حذَّر يوسف أن يقُصَّ رُؤياه على إخوته؛ فيَكِيدُوا لهُ كيْداً، وفيها أيضاً : دليل على جواز ترك إظهار النِّعمة عند من يخشى غائلته حسداً، وفيها أيضاً : دليلٌ على مع رفة يعقُوب ﷺ بتأويلِ الرُّؤيا؛ فإنه علم من تأويلها : أنَّه سيظهر عليْهم.
قوله ﴿ لاَ تَقْصُصْ ﴾ قرأ حفص :« يا بُنيَّ » بفتح الياء، والباقون بكسرها، وقرأ العامة : بفك الصادين، و هي لغةُ الحجاز، وقرأ زيد بن عليك بصادٍ واحدةٍ مشددة، والإدغام لغة تميم، وقد تقدَّم تحقيق هذا في المائدة، عند قوله :﴿ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ ﴾ [ المائدة : ٥٤ ] والرُّؤيا مصدر كالبُقْيَا.
وقال الزمخشريٌّ :« الرُّؤيا بمعنى : الرُّؤية، إلا أنَّها ختصةٌ بما كان في النَّوم دون اليقظة، فُرِّق بينهما بحرفي التأنيث؛ كما قيل : القربة والقربى ».
وقرأ العامَّة :« الرُّؤيا » مهموزة من غير إمالة، وقرأها الكسائيُّ في رواية الدُّوريِّ عنه بالإمالةِ : وأما ( الرؤيا ) [ يوسف : ١٠٠ ] : و « رُؤيَاي » الاثنتان في هذه السورة، فأمالهما الكسائيُّ من غير خلافِ في المشهور، وأبو عمرو يبدل هذه الهمزة واواً في طريق السوسيِّ.


الصفحة التالية
Icon