وقال الزمخشري : وسمع الكسائيُّ :« رُيَّايَ وريَّاكَ » بالادغام، وضم الرَّاء، وكسرها، وهي ضعيفة؛ لأن الواو في تقدير الهمزة؛ فلم يقو إدغامها؛ كما لم يقو إدغام « اتَّزَر » من الإزراِ، و « اتَّجرَ » من « الأجْر ».
يعنى : أن العارض لا يعتدُّ به، وهذا هو الغالبُ، وقد اعتدَّ القراء بالعارض في مواضع يأتي بعضها إن شاء الله تعالى نحو قوله :« رِئْياً » في قوله :﴿ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِءْياً ﴾ [ مريم : ٧٤ ] عند حمزة، و ﴿ عَاداً الأولى ﴾ [ النجم : ٥٠ ] وأما كسر « ريَّاكَ » فلئلا يُؤدِّي إلى ياء ساكنة بعد ضمَّة، وأما الضمُّ فهو الأصل، والياء قد استهلكت بالإدغام.
قوله « فيَكِيدُوا » : منصُوب في جواب النَّهي، وهو في تقدَير شرطٍ وجزاءٍ، وذلك قدَّره الزمخشريُّ بقوله :« إن قصَصْتهَا عليْهِم كادُوكَ ».
و « كَيْداً » فيه وجهان :
أظهرهما : أنه مصدر مؤكدٌ، و على هذا ففي اللام في قوله :« لَكَ » خمسة أوجه :
أحدها : أن يكون « يَكيدُ » ضمن معنى ما يتعدَّى باللاَّم؛ لأنَّه في الأصل يتعدَّى بنفسه، وقال :﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ﴾ [ هود : ٥٥ ] والتقدير : فيحتالوا لك بالكيد.
قال الزمخشري مقدِّراً لهذا الوجه :« فإن قلت : هلا قيل : فَيَكيدُوكَ » كما قيل : الفعل المضمَّن، فيكون آكد وأبلغ في التَّخويف، وذلك نحو : فيَحْتالُوا لك؛ ألا ترى إلى تأكيده بالمصدر «.
الوجه الثاني من أوجه اللاَّم : أن تكون اللاَّم معدية، ويكون هذا الفعل ممَّا يعتدَّى بحرف الجرِّ تارة، وبنفسه أخرى؛ ك »
نَصَحَ « و » شَكَرَ « كذا قالهُ أبو حيَّان، وفيه نظر؛ لأنَّ ذلك باب لا ينقاس، إنَّما يقتصر فيه على ما ذكره النُّحاة، ولم ْ يذكُروا منه كَادَ.
والثالث : أن تكون اللاَّمُ زائدة في المفعول به؛ كزيادتها في قوله :﴿ رَدِفَ لَكُم ﴾ [ النمل : ٧٢ ]، قاله أبو البقاء؛ وهو وضعيفٌ؛ لأن اللام لا تزاد إلا بأحد شرطين : تقديم المعمول، أو كون العامل فرعاً.
الرابع : أن تكون اللام للعلَّة، أي : فيَكِيدوا لأجْلِك؛ وعلى هذا فالمفعُول محذوفٌ اقتصاراً، أو اختصاراً.
الخامس : أن تتعلَّق بمحذُوف؛ لأنَّها حالٌ من »
كَيْداً « إذ هي في الأصل يجوز أن تكون صفة له لو تأخَّرت.
الوجه الثاني من وجهي »
كَيْداً « : أن يكون مفعولاً به، أي : فيصنعوا لك كيداً، أي : أمراً يكيدُونك به، وهو مصدر في موضع الاسم، ومنه :﴿ فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ ﴾ [ طه : ٦٤ ]، أي : ما تكيدُون به؛ ذكره أبو البقاء، وعلى هذا ففِي اللاَّم في :» لَكَ « وجهان فقط : كونُها صفة في الأصل، ثم صارت حالاً، أو هي للعلَّة، وأما الثلاثة الباقية، فلا تتأتَّى بعد، فامتناعها واضحٌ.
ثمّ قال :﴿ إِنَّ الشيطان لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴾ أي : يزيِّن لهم الشيطان، ويحملهم على الكيد بعداوته القديمة.


الصفحة التالية
Icon