وقال صاحب اللَّوامح :« يجوز أن يكو على » فعَّالات « كحمَّامات، ويجوز أن يكون على » فيْعَالات «، كشَيْطَانَات، جمع شَيْطَانَه، وكلٌّ للمبالغة ».
وقرأ الحسن :« في غَيَبةِ » بفتح الياء، وفيه احتمالان :
أحدهما : أن يكون في الأصل مصدراً؛ كالغلبة.
والثاني : أن يكون جمع غائب، نحو : صَانِع وصنَعَة.
قال أبو حيَّانك « وفي حرف أبيَّ :» في غيْبَةِ « بسكون الياء، وهي ظلمة الرَّكيَّة ».
قال شهاب الدين :« والضبط أمر حادثٌ، فكيف يعرفُ ذلك من المصحف، وتقدَّم نحو ذلك، والغيابة، قال الهروي : شبه لجف أو طاقٍ في البئر فُويْق الماء يغيب ما فيه عن العُيُون ».
وقال الكلبيُّ :« الغيابة تكون في قَعْر الجُبِّ؛ لأَنَّ اسفله واسعٌ، ورأسه ضيِّق، فلا يكاد النَّاظر يرى ما في جوانبه ».
وقال الزمخشري :« هي غورة، وما غب منه عن عين النَّاظر، وأظلم من أسفله ».
قال المنخل :[ الطويل ]
٣٠٥٤ فإنْ أنَا يَوْماً غَيَّبَتْنِي غَيَابَتِي | فَسِيرُوا بسَيرِي في العَشِيرةِ والأهْلِ |
٣٠٥٥ لَئِنْ كُنْتَ في جُبِّ ثَمانِينَ قَامَةً | ورُقِّيتَ أسْبَابَ السَّماءِ بسُلَّمِ |
فصل
والألف واللام في « الجُبِّ » تقتضي المعهُود السَّابق، واختلفوا فيه :
فقال قتادة : هو جُبُّ بئر بيت المقدِس، وقيل : بأرض الأرْدُن.
وقال مقاتل : هو على ثلاثة فراسِخ من منْزِل يعقُوب، وإنَّما عيَّنوا ذلك الجُبَّ؛ للعلَّة التي ذكروها، وهي قوله :« يَلتَقطهُ بَعْضُ السَّيارةِ » لأن تلك البِئْر كانت معروفة يَردُونَ عليها كثيراً، وكانوا يعلمُون أنَّه إذا طُرِحَ فيها، كان إلى السَّلامة أقْرب؛ لأن السيارة إذا ورَدُوهَا، شاهدوا ذلك الإنسان فيهن فيخرجوه، ويذهبوا به فكان إلقاءه فيها أبعد عن الهلاك.
قوله « يَلتَقِطْهُ » قرأ العامَّةك « يَلْتَقِطْهُ » بالياء من تحت، وهو الأصلُ وقرأ الحسن، ومجاهد، وأبو رجاء، وقتادة : بالتَّاء من فوقح للتَّأنيثِ المعنويِّن والإضافة إلى مؤنَّث، وقالوا : قُطِعَت بعضُ أصَابعه.
قال الشَّاعر :[ الوافر ]
٣٠٥٦ إذَا بَعْضُ السِّنينَ تَعرَّقَتْنَا | كَفَى الأيْتامَ فقدَ أبِي اليَتِيمِ |
والإلتِقَاط : تناول الشيء المطروح، ومنه : اللُّقطَة واللَّقِيط؛ قال الشاعر :[ الرجز ]
٣٠٥٧ ومَنْهَلٍ ورَدْتهُ التِقَاطَا | .......................... |