وقرأ زيد بن علي، وابن إبي إسحاق : بكسر الهاء، وياء ساكنة، وتاء مضمومة، فهذه أربع قراءات في الشاذ، فصارت تسع قراءات.
وقرأ السلمي، وقتادة بكسر الهاء وضم التاء مهموزاً، يعنى تهيأت لك، انكره أبو عمرو، والكسائي، ولم يحك هذا عن العرب، فيتعين كونها اسم فعلٍ في غير قراءة ابن عبَّاس « هُيِيْتُ » بزنة، « حُيِيْتُ » وفي غير قراءة كسر الهاء سواء كمان ذلك بالياء، أم بالهمز، فمن فتح التاء بناها على الفتح تخفيفاً، نحنو : أين، وكيف، ومن ضمَّها كابن كثيرٍ شبهها ب « حَيْثُ »، ومن كسر فعلى أصل التقاء الساكنين ك :« جَيْر »، وفتح الهاء، وكسرها لغتان، ويتعيَّن فعليتها في قراءة ابن عبَّاس « هُيِيْتُ » بزنة :« حُيِيْتُ » فإنها فيها فعل ماض مبني للمفعول مسند لضمير المتكلِّم من « هَيَّاتُ الشَّيءَ ».
ويحتمل الأمرين في قراءة من كسر الهاء، وضمَّ التاء، فتحتمل أن تكون فيه أسم فعل [ بنيت على ] الضم، ك « حَيْثُ »، وأن تكون فعلاً مسنداً لضمير المتكلم، من : هاء الرَّجل يَهيءُ، ك « جَاء يَجِيءُ »، وله حينئذ معنيان :
أحدهما : أن يكون بمعنى : حسنت هيئته.
والثاني : أن يكون بمعنى تَهَيَّأ، يقال :« هَيُئْتُ، أي : حَسُنَتْ هَيْئتي، أوْ تَهَيَّأتُ.
وجواز أبو البقاءِ : أن تكون » هِئْتَ « هذه من :» هَاءَ يَهَاءُ « ك » شَاءَ يَشَاءُ «.
وقد طعن جماعةٌ على قراءة هشام الَّتي بالهمز، وفتح التَّاء، فقال الفارسي : يشبه أن يكون الهمز وفتح التاء وهماً من الراوي؛ لأنَّ الخطاب من المرأة ليوسف، ولم يتهيَّأ لها بدليل قوله :» وَرَاودَتْهُ «، و » أنِّي لَمْ أخُنْهُ بالغَيْبِ «، وتابعه على ذلك جماعة. وقال مكي بنُ أبي طالب :» يجبُ أن يكون اللفظ « هِئْتَ لي » أي : تهَيَّأتْ لِي، ولم يقرأ بذلك أحدٌ، وأيضاً : فإنَّ المعنى على خلافه؛ لأنَّه [ لم يزل ] يفرُّ منها، وتباعد عنها، وهي تراوده، وتطلبه، وتقدُّ قميصهن فكيف تخبر أنه تهيأ لها؟ «.
وأجاب بعضهم عن هذين الإشكالين بأن المعنى : تهيأ لي أمرك لأنها لم تكن تقدر على الخلوة به في كل وقت، أو يكون المعنى : حَسُنَتْ هَيْأتُكَ. أو » لَكَ « متعلق بمحذوف على سبيل البيانِ، كأنها قالت : القول لك، أو الخطاب لك، كهي في » سَقْياً لَكَ ورَعْياً لَكَ «.
قال شهابُ الدِّين :» واللاَّم متعلقة بمحذوف على كلِّ قراءة إلاَّ قراءة ثبت فيها كونها فعلاً، فإنَّها حينئذ تتعلق بالفعل، إذ لا حاجة إلى تقدير شيء آخر «.