قال الزمخشري :« فإن قلت : قوله » وهمَّ بِهَا « داخل تحت القسم في قوله :» وَلقَدْ هَمَّتْ بِهِ « أم خارج عنه؟. قلت : الأمران جائزان، و من حقِّ القارىء إذا قصد خروجه من حكم القسم، وجعله كلاماً برأسه أن يقف على قوله :» ولقَدْ هَمَّتْ بِهِ « يبتدىء قوله :﴿ وَهَمَّ بِهَا لولاا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ ﴾، وفيه أيضاً إشعارٌ بالفرقِ بين الهمَّينِ.
فإن قلت : لِمَ جعلت جواب »
لَوْلاَ « محذوفاً يدلٌّ عليه :» هَمَّ بِهَا «، وهلاَّ جعلته هو الجواب مقدماً؟.
قلت : لأن »
لوْلاً « لا يتقدم عليها جو ابها من قبل أنَّه في حكم الشرطِ، وللشَّرطِ صدر الكلام، وهو وما في حيِّزهِ مم الجملتين، مثل كلمة واحدة، ولا يجوزُ تقديمُ بعض الكلمة على بعضٍ، وأما حذف بعضها إذا دلَّ عليه دليلٌ؛ فهو جاءزٌ ».
فقوله :« وأما حذف بعضها.... إلخ » جواب عن سؤال مقدرٍ، وهو أنَّهُ إذا كان جواب الشَّرط مع الجملتين بمنزلة كلمةٍ؛ فينبغي أن لا يحذف منهما شيء؛ لأنَّ الكلمة لا يحذفُ منها شيء.
فأجاب بأنَّهُ يجوز إذا دلَّ دليل على ذلك، وهو كما قال، ثم قال : فإن قلتَ لمَ جعلتَ « لَوْلاَ » متعلقة ب « هَمَّ بِهَا » وحدة، ولم تجعلها متعلقة بجلمة وقله :﴿ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا ﴾ ؛ لأن الهمَّ لا يتعلق بالجواهر، ولكن بالمعاني، ولا بد من تقدير المخالطةِ، والمخالطة لا تكون إلا من اثنين معاً، فكأنه قيل : همَّا بالمخالطة لولا أن منع مانعٌ أحدهما؟
قلتُ : نعم ما قلت : ولكن الله سبحانه وتعالى قد جاء بالهمين على سبيل التفضيل حيث قال :﴿ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا ﴾ اه.
والزجاج لم يرتض هذه المقالة، أي : كون قوله :« لَوْلاَ » متعلقة ب « هَمَّ بِهَا » فإنه قال : ولو كان الكلام « لَهمَّ بِهَا » لكان بعيداً، فيكف مع سُقوطِ الكلام؟ [ يعني ] الزجاج أنه : لا جائز أن يكون « هَمَّ بِهَا » جواباً ل :« لَوْلاَ » ؛ لأنه لو كان جوابها لاقترن باللاَّمِ؛ لأنه مُثبتٌ، وعلى تقدير أنَّهُ كان مقترناً باللاَّم كان يبعد من جهة أخرى، وهي تقديمُ الجواب عليها.


الصفحة التالية
Icon