وجواب ما قاله الزجاجُ : ما تقدم عن الزمخشري من أن الجواب محذوفٌ مدلولٌ عليه بما تقدَّم.
وأما قوله :[ ولو كان ] الكلام :« ولهمَّ بِهَا » فغيرُ لازم؛ لأنَّه متى كان جواب « لَوْ »، و « لَوْلاَ » مثبتاً جاز فيه الأمران : اللام وعدمها، وإن كان الإتيانُ اللاَّم هو الأكثر.
وتابع ابنُ عطيَّة في هذا المعنى فقال :« قول من قال : إنَّ الكلام قد تمَّ في قوله :» ولقَدْ هَمَّتْ بِهِ «، وأن جواب » لَوْلاَ « في قوله :» وهَمَّ بَهَا « ؛ وأنَّ المعنى : لولا أن رأى البرهان لهم بها، فلم يهمَّ يوسف ﷺ قال : وهذا قولٌ يردُّه لسان العرب، وأقوال السَّلف ».
فقوله :« يردُّه لسانُ العرب » فليس كذلك؛ لأنَّ وزن هذه الآية قوله :﴿ إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لولاا أَن رَّبَطْنَا على قَلْبِهَا ﴾ [ القصص : ١٠ ] فقوله :﴿ إِن كَادَتْ ﴾ أمَّا أن تكون جواباً عند من يرى ذلك، وإمَّا أن يكون دالاً على الجواب، وليس فيه خروجٌ عن كلامِ العربِ، هذا ما ردَّ عليه أبو حيَّان.
وكأن ابن عطيَّة إنما يعني بالخروج عن لسان العرب تجرد الجواب من اللاَّم على تقدير جواز تقديمه، والغرض أن اللاَّم لم توجد.
فصل
الهمُّ هو المقاربةٌ من الفعل من غير دخولٍ فيه، فهَمُّهَا : عزمُها على المعصية، وأما همُّه : فرُوِيَ عن أبن عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنه حلَّ الهميان، وجلس منها مجلسَ الخاتنِ.
وعن مجاهد رحمه الله أنَّه حلّ سراويله، وجعل يعالجُ ثيابه، وهذا قولُ سعيد بن جبير، والحسن، وأكثر المتقدمين رضي الله عنهم.
وقيل غير ذلك.
وقال أكثرُ المتأخِّرين : إنَّ هذا لا يليقُ بحال الأنبياء ﷺ وقالوا : تم الكلام عند قوله :« ولقد همَّتْ بِهِ »، ابتدأ الخبر عن يوسف فقال :﴿ وَهَمَّ بِهَا لولاا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ ﴾ على التَّقديمِ، والتأخير، أي : لولا أنه رأى برهان ربِّه لهم بها، لكنه رأى البُرهان، فلم يهمّ.
قال البغويُّ :« وأنكره النُّحاة، وقالوا : إنَّ العربَ لا تُؤخِّرُ » لَوْلاَ « عن الفعلِ فلا يقولون : قُمْتُ لولا زيدٌ، وهي تريدُ : لولا زيدٌ لقُمْتُ ».
وذكر ابنُ الخطيبِ : عن الواحديِّ أنه قال في البسيطِ :« قال المفسِّرُون : هم يوسف أيضاً بالمرأة همَّا صحيحاً، وجلس منها مجلس الرجُل من المرأةِ فلمَّا رأى البُرهانَ من ربه؛ زالت كلُّ شهوة عنه.