٣١٣٥ تَاللهِ على الأيَّامِ ذُو حَيَدٍ بمُشْمَخرِّ بِهِ الظَّيَّانُ والآسُ
أي : لا تبقى، ويدلُّ على حذفها : أنَّهُ لو كان مثبتاً؛ لاقترن بلام الابتداء ونون التَّوكيد معاً عند البصريين، أو إحداهما عن الكوفيين، وتقول : واللهِ أحبُّك : تريد لأحبك، وهو من التَّوريةِ، فإن كثيراً من النَّاس يتبادر ذهنه إلى إثباتِ المحبَّة، و « تَفْتَأ » هنا ناقصة بمعنى لا تزال.
قال ابنُ السِّكيت :« ما زِلتُ أفعله، ما فَتِئت أفعلهُ، ما بَرحْتُ أفْعَلُه، ولا يتكلم بهنَّ إلاَّ في الجحد ».
قال ابن قتيبة :« يقال : مَا فترت ومَا فَتِئت، لغتان، ومعناه : ما نسيته، وما انقطعتْ عنه »، وإذا كانت ناقصة؛ فهي ترفع الاسم، وهو الضمير، وتنصب الخبر، وهو الجملة من قوله :« تَذْكرُ » أي : لا تزالُ ذاكراً له، يقال : ما فَتِىء زيدٌ ذاهباً؛ قال أوس بن حجرٍ :[ الطويل ]
٣١٣٦ فَمَا فَتِئَتْ حَتَّى كَأنَّ غُبَارهَا سُرَادِقُ يَوْمٍ ذِي ريَاحٍ تُرَفَّعُ
وقال أيضاً :[ الطويل ]
٣١٣٧ فَمَا فَتِئَتْ خَيلٌ تَثوبُ وتدَّعِي ويَلحَقُ منهَا لاحِقٌ وتُقطَّعُ
وعن مجاهدٍ : لا تفتر؛ قال الزمخشريُّ : كأنه جعل الفُتُوء، والفُتُورَ أخوين، كما تقدَّم عن ابنِ قتيبة، وفيهما لغتان :« فَتَأ » على وزن « ضَرَبَ »، و « أفْتَأ » على وزن « أكْرَمَ »، ويتكون تامَّة بمعنى :« سَكَنَ وأطْفَأ » كذا قاله ابنُ مالكٍ.
وزعم أبُو حيَّان : أنه تصحيفٌ منه، وإنَّما هي فَثَأ بالثَّاءِ المثلثة، ورسمت هذه اللَّفظة « تَفْتَؤ » بالواو، والقياس « تَفْتَأ » بالألفن وكذلك يوقف لحمزة بالوجهين اعتباراً بالخطِّ، والقياس.
قوله :« حَرَضاً » : الحَرَضُ : الإشفاءُ على الموت، يقال منه : حَرَضَ الرَّجلُ يحرُض حرضاً بفتح الرَّاء، فهو حرض بكسرهَا، فالحرض مصدر من هذه المادَّة فيجيء في الآية الأوجه التي في « رجُلُ عدلٌ » كما تقدم.
ويطلق المصدر من هذه المادَّة على :« الحُثث » إطلاقاً شائعاً؛ ولذلك يستوي فيه المفرد، والمثنى، والمجموع، والمذكر، والمؤنث، تقول : هو حرضٌ، وهما حرضٌ وهُم حَرَضٌ، وهي حَرَضٌ، وهُنَّ حَرَضٌ؛ ويقال : رجلٌ حُرُضٌ بضمتين، نحو : جُنُب، وشُلْل. ويقال : أحْرَضهُ كذا، أي أهلكهُ؛ قال :[ البسيط ]
٣١٣٨ إنِّي أمرؤُ لجَّ بِي حُبِّ فأحْرَضنِي حتَّى بَلِيتُ وحتَّى شَفَّنِي السَّقمُ
فهو مخرض.. قال الشَّاعر :[ الطويل ]
٣١٣٩ أرَى المَرْءَ كالأذْوَادِ يُصْبحُ مُحْرَضاً كإحْرَاضِ بكرٍ في الدِّيارِ مَريضِ
وقرأ بعضهم « حَرِضاً » بكسر الرَّاء.
وقال الزمخشريُّ :« وجاءت القراءة بهما جميعاً » يعنى بفتح الراء، وكسرها.
وقرأ الحسن :« حُرُضاً » بضمتين، وقد تقدَّم أنه ك :« جُنُبٍ، وشُلُلٍ »، وزاد الزمخشريُّ : وغُرُب «.
وقال الراغب : الحَرَض : ما لا يعتدُّّ به، ولا خيرَ فِيهِ، ولذلك يقال لمن أشرف على الهلاك : حَرَض، قال تعالى :﴿ حتى تَكُونَ حَرَضاً ﴾ [ يوسف : ٨٥ ]، وقد أحرصهُ كذا قال الشَّاعر :[ البسيط ]


الصفحة التالية
Icon