قوله :﴿ قُلْ هذه سبيلي ﴾ الآية.
قل يا محمد هذه الدعوة التي أدعو إليها، والطريقة التي أنا عليها ومثله :﴿ ادع إلى سَبِيلِ رَبِّكَ ﴾ [ النحل : ١٣٥ ] والسَّبيل في أصل اللغة : الطريق، ثم شبهوا بها التعبُّدات؛ لأن الإنسان يمر عليها إلى الجنَّة.
قوله :﴿ أَدْعُو إلى الله ﴾ يجوز أن يكون مستأنفاً، وهو الظاهر، وأن يكون حالاً من الياءِ، و ﴿ على بَصِيرَةٍ ﴾ حال من فاعل « أدْعُوا » أي : أدعوا كائناً على بصيرةٍ.
وقيل : تمَّ الكلام عند قوله :﴿ أَدْعُو إلى الله ﴾ ثم استأنف ﴿ على بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتبعني ﴾.
قوله ﴿ وَمَنِ اتبعني ﴾ عطفٌ عليه، أي : على فاعل « أدْعوا » ولذلك أكد بالضمير المنفصل، ويجوز أني كون متبدأ، والخبر محذوف، أي : ومن اتَّبعني يدعو أيضاً، ويجوز أن يكون « عَلَى بَصِيرةٍ » : خبراً مقدماً، و « أنَا » : مبتدأ مؤخر، و « مَنِ اتَّبعَنِي » عطف عليه أيضاً، ومفعول « أدْعُوا » يجوز أن لا يراد، أي : أنا من أهل الدُّعاء إلى الله، ويجوز أن يقدَّر : أن أدعواالناس. وقرأ عبدالله :« هذَا سَبِيلِي » بالتَّذكيرن وقد تقدَّم [ الأنعام : ٥٥ ] أنه يذكَّر ويؤنَّث.
فصل
والمعنى : أدْعُوا إلى شالله على بصيرةٍ على يقين، والبصيرةُ : هي المعرفة التي يميز بها بين الحقِّ والباطل، وهي الحجَّة والبرهان، « أنَا ومَنِ اتَّبعَنِي » : آمَنَ بي، وسار في طريقي، وسيرهُ : اتِّباع الدَّعوة إلى الله عزَّ وجلَّ.
قال الكلبيُّ، وابنُ زيد : حقٌّ على من اتَّبعه أن يدعو إلى ما دعى إليه ويذكِّر بالقرآن.
قال ابن عبَّاسٍ رضي الله عنه : يعني : أصحاب رسُول الله ﷺ كانوا على أحسن طريقةٍ، وأقدص هداية معدن العلم، وكنز الإيمان وجند الرَّحمن.
قال ﷺ :« العُلمَاءُ أمَناءُ الرُّسلِ على عِبَادهِ، حيثُ يَحْفَظُونَ ما يدْعُونَ إليْهِ ».
ثم قال ﴿ وَسُبْحَانَ الله ﴾ أي : وقل : سبحان الله تنزيهاً عمَّا يشركون.
﴿ وَمَآ أَنَاْ مِنَ المشركين ﴾ الذين اتَّخذوا من الله ضدًّا وندًّا. وهذه الآية تدلُّ على أنَّ علم الأصول حرفة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وأن الله تعالى ما بعثهم إلى الخلقِ إلا لأجلها.