قال شهابُ الِّدين : وأين الوصف المعطوف عليه؛ حتى نجعله مثل ابيت الذي أنشده.
السادس : أن يكون « الَّذي » مرفوعاً نسقاً على « آيَاتُ : كما تقدَّمت حكايته عن الحوفي. وجوَّز الحوفي أيضاً : أن يكون » الحقُّ « نعتاً ل » الَّذي « حال عطفه على » آيَاتُ الكِتَابِ «.
فتلخَّص في » الحق « خمسة أوجه.
أنَّهُ خبرٌ أوَّل، أو ثان، أو هو ما قبله، أو خبراً لمبتدأ مضمر، أو صفة ل » الَّذي « إذا جعلناه معطوفاً على » آيَاتُ «.
فصل
قال ابن عبَّاسٍ رضي الله عنه : أراد ب : الكِتابِ » القرآن ومعناه : هذه آيات الكتاب، يعني : القرآن، ثمَّ ابتدأ، وهذا القرآن ﴿ والذي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الحق ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ وهذا زجرٌ وتهديدٌ.
وقال مقاتلُ : نزلت في مشركي مكَّة حين قالوا : إنَّ محمداً ﷺ يقوله من تلقاء نفسه فردَّ قولهم.
فصل
تمسَّك نفاةُ القياس بهذه الآية وقالوا : الحكمُ المستنبطُ بالقياس غير ما نزل من عند الله تعالى وإلاَّ لكان من لم يحكم به كافر، لقوله تعالى ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ الله فأولئك هُمُ الكافرون ﴾ [ المائدة : ٤٤ ]، وبالإجماع لا يكفرُ، فثبت أنَّ الحكم المثبت بالقياس غير نازلٍ من عند الله تعالى، وإذا كان كذلك، وجب ألاَّ يكون حقًّا، وإذا لم يكن حقًّا، وجب أن يكون باطلاً، لقوله تعالى :﴿ فَمَاذَا بَعْدَ الحق إِلاَّ الضلال ﴾ } [ يونس : ٣٢ ] وأجيبك بأن الحكم المثبت بالقياس نازل أيضاً؛ لأنَّه تعالى أمر العملِ بالقياسِ، فكان الحكمُ الَّذي دلَّ عليه القياس نازلاً من عند الله تعالى.
قوله تعالى ﴿ الله الذي رَفَعَ السماوات بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ﴾ [ الآية : ٢ ] لما ذكر انَّ أكثر النَّاس لا يؤمنون، ذكر عقبهُ ما ديلُّ على صحَّة التَّوحيد، والمعاد، وهو هذه الآية.
قوله :« اللهُ » قال الزَّمخشريُّ :« اللهُ » مبتدأ، و ﴿ الذي رَفَعَ السماوات ﴾ خبره بدليل قوله تعالى :﴿ وَهُوَ الذي مَدَّ الأرض ﴾ ويجوز أن يكون ﴿ الذي رَفَعَ السماوات ﴾ صفة، وقوله :﴿ يُدَبِّرُ الأمر يُفَصِّلُ الآيات ﴾ خبراً «.
وقوله :» بِغَيْرِ عمدٍ « هذا الجار في محلِّ نصب على الحال من » السَّمواتِ « أي : رفعها خالية من عمدٍ، ثمَّ في هذا الكلام وجهان :
أحدهما : انتفاء العمدِ، والرؤية جميعاً، أي : لا عمد؛ فلا رؤية، يعني : لا عمد لها؛ فلا ترى، وإليه ذهب الجمهور.
والثاني : أنَّ لهما عمداً، ولكنها غير مرئيَّة.
وعن ابن عبَّاسٍ : ما يدريك أنّضها بعمدٍ لا ترى، وإليه ذهب مجاهد وهذا قريب من قولهم :» مَا رأيتُ رجُلاً صالحاً «، ونحو :﴿ لاَ يَسْأَلُونَ الناس إِلْحَافاً ﴾ [ البقرة : ٢٧٣ ] [ الطويل ]
٣١٦٢ على لا حِبٍ لا يُهْتَدَى بِمنَارِهِ | ................... |