فإن قيل : الزَّوجان لا بدَّ وأن يكونا اثنين، فما الفائدة في قوله :« زَوْجيْنِ اثْنَيْنِ » ؟.
فالجواب : أنه تعالى أوَّل ما خلق العالم، وخلق فيه الأشجار، خلق من كل نوع من الأنواع اثنين فقط، فلو قال :« زَوْجَيْنِ » لم يعلم أنَّ المراد النوع، أو الشخص فلما قال :« اثْنَيْنِ » علمنا أنه تعالى أوَّل ما خلق من كل زوجين اثنين [ لا أقل ولا أزيد، والحاصل أن الناس فيهم الآن كثرة، إلا أنهم ابتدءوا من زوجين اثنين ] بالشَّخص وهما : آدم وحواء عليهما السلام وكذلك القول في جميع الأشجار، والزروع، والله أعلم.
النوع الرابع : الاستدلال بأحوال الليل، والنهار، وإليه الإشارة بقوله :﴿ يُغْشِي الليل النهار ﴾ وقد سبق الكلام فيه فأغنى عن الإعادة.
ثم قال تعالى :﴿ إِنَّ فِي ذلك لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ فيستدلون، والتَّفكر : تصرف القلب في طلب المعاني.
قوله :﴿ وَفِي الأرض قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ ﴾ العامة على رفع :« قِطَعٌ » « وجَنَّاتٌ » إمَّا على الابتداء، وإما على الفاعلية بالجار قبله.
وقرىء « قِطَعاً متَجَاورَاتٍ » بالنصب، وكذلك هي في بعض المصاحف على إضمار جعل. وقرأ الحسن :« وجَنَّاتِ » بكسر التَّاءِ وفيها أوجهٌ :
أحدها : أنه جر عطفاً على « كُلِّ الثَّمراتِ ».
الثاني : أنه نصب نسقاً على :« زَوحَيْنِ اثْنَينِ » قاله الزمخشري.
الثالث : أنه نصبه نسقاً على :« رَواسِيَ ».
الرابع : أنه نصبه بإضمار جعلن وهو أولى لكثرة الفواصل في الأوجه قبله.
قال أبو البقاء : ولم يقرأ أحد منهم « وزَرْعاً » بالنصب «.


الصفحة التالية
Icon