الثانية : قالوا : الآية تدلُّ على بطلان قول المجبرة : إنَّه تعالى ابتدأ العبد بالضَّلال، والخذلان أوَّل ما يبلغ؛ لأنَّ ذلك أبلغ في العقاب، مع أنَّه ما كان منه تغيير.
قال ابن الخطيب :« والجواب أن ظاهر الآية يدل على أن فعل الله تعالى في التغيير يترتب على فعل العبد، وقوله ﴿ وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله ﴾ [ التكوير : ٢٩ ] يدلُّ على أن فعله مقدم على فعل العبد، فوقع التَّعارض.
وقوله تعالى :﴿ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سواءا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ ﴾ يدلُّ على أنَّ العبد غير مستقل بالفعل، فلو كان العبد مستقلاً بتحصيل الإيمان، ولكان قادراً على ردّ ما أراد الله تعالى من كفر، وحينئذٍ بطل قوله :﴿ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سواءا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ ﴾ ؛ فثبت أنَّ الآية السابقة، وإن أشعرب بمذهبهم إلا أن هذا من أقوى الدلائل على مذهبنا.
روى الضحاك عن ابن عبَّاس رضي الله عنه : لم تغن المعقبات شيئاً وقال عطاء عنه : لا رادّ لعذابي، و لاناقض لحكمي :﴿ وَمَا لَهُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ ﴾، أي : ليس لهم من دون الله من يتولاهم، ويمنع قضاء الله عنهم، أي : مال هم والٍ يتولَّى أمرهم، ويمنع العذاب عهم.
قوله :﴿ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ ﴾ »
العامل في « إذَا » محذوف لدلالة جوابها عليه تقديره : لم يرد أو وقع، أو نحوهما، ولا يعمل فيها جوابها؛ لأنَّ ما بعد الفاء لا يعملُ فيما قبلها.


الصفحة التالية
Icon