ويجوز أن يقال : طِيبى، بكسر الباء، وكذلك الكِيسَى والضِّيقَى. وهل هي اسم شجرة بعينها أو اسم للجنة بلغة الهند أو الحبشة؟.
وجاز الابتداء ب « طُوبَى » إما لأنها علم لشيء بعينه، وإما لأنها نكرة في معنى الدعاء، كسلام عليك، وويل لك، كذا قال سيبويه.
وقال ابن مالك رحمه الله :« إنه يلتزم رفعها بالابتداء، ولا يدخل عليها نواسخه » وهذا يرد عليه : أن بعضهم جعلها في هذا الآية منصوبة بإضمار فعل، اي : وجعل لهم طوبى، وقد تأيد ذلك بقراءة عيسى الثقفي « وحُسْنَ مآبٍ » بنصب النون، قال : إنه معطوف على « طُوبَى » وأنها في موضع نصب.
قال ثعلب : و « طُوبَى » على هذا مصدر، كما قال :« سقيا ».
وخرج هذه القراءة صاحب اللوامح على النداء، كيا أسَفَى على الفوت، يعنى أن « طُوبَى » مضاف للضمير معه واللام مقحمة؛ كقوله :[ البسيط ]

٣١٧٨.............. يَا بُؤسَ لِلجَهْلِ ضَرَّاراً الأقْوامِ
وقوله :[ مجزوء الكامل ]
٣١٧٨ يَا بُؤسَ لِلحَرْبِ الَّتِي وضَعْتْ أرَاهِطَ قاستراحُوا
ولذلك سقط التنوين من « بُؤسَ : كأنه قيل : يا طيبا، أي : ما أطيبهم وأحسن مآبهم.
قال الزمخشري :»
ومعنى « طُوبَى لَكَ » : أصحبت خيراً، و « طيبا » ومحلها النصب أو الرفع، كقولك : طيبا لك وطيبٌ لك، وسلاماً لك وسلام لك والقراءة ف يقوله « وحُسن مَآبٍ » بالنصب والرفع يدل على محلها، واللام مفي « لَهُمْ » للبيان مثلها في « سقيا لك » فهذا يدل على أنها تتصربف، ولا يلزم الرمفع بالابتداء.
وقرأ مكوزوة الأعرابي :« طِيبَى » بكسر الطاء لتسليم الياء، نحو : بيض ومعيشة.
وقرىء :« وحُسْنَ مَآبٌ » بفتح النون ورفع « مآبٌ » على أنه فعل ماض، أصله حَسُنَ فنقلت ضمة العين إلى الفاء قصداً للمدح، كقوله : حسن ذا أدب، و « مَآبُ » فاعله.

فصل


قال ابن عباس رضي الله عنهما : طوبى، فرح لهم وقرة عين.
وقال عكرمة : نعم ما لهم. وقال قتادة : حسنى لهم.
وقال معمر عن قتادة : هذه كلمة عربية، يقول الرجل : طوبى لك، أي : أصبت خيراً.
وقال إبراهيم رحمه الله : خير لهم وكرامة. وقال الفراء : وفيه لغتان : تقول العرب : طوباك، وطوبى لك، أي لهم الطيب « وحُسْنَ مَآبٍ » أي : حسن المنقلب.
وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس :« طُوبَى : اسم الجنة بالحبشية.
وقال الربيع : البستان بلغة الهند. وقال الزجاج : العيش الطيب لهم وروي عن أبي أمامة وأبي هريرة وأبي الدرجاء قالوا : طوبى شجرة في الجنة تظل الجنان كلها وقيل فيها غير ذلك.


الصفحة التالية
Icon