والثالث : أنا دللنا على أن ترجيح الداعي لا يحصل إلا من الله تعالى وعند حصوله يجب الفعل.
قوله ﴿ وَصُدُّواْ عَنِ السبيل ﴾ قرأ الكوفيون ويعقوب « وصُدَّوا » مبنياً للمفعول، وفي غافر ﴿ وَصُدَّ عَنِ السبيل ﴾ [ غافر : ٣٧ ] كذلك، وابقي السبعة مبنيّين للفاعل، و « صد : جاء لازماً ومتعدياً، فقراءة الكوفية من التعدي فقط، وقراءة الباقين : يحتمل أن تكون من المتعدي ومفعوله محذوف، أي : صدوا غيرهم أو أنفسهم، وأن يكون من اللازم، أي : أعرضوا وتولوا.
وقرأ ابن وثاب :» وصِدُّوا عَن السَّبيال « بكسر الصاد، وهو مبني للمفعول أجراه مجرى » قِيلَ « و » بِيعَ « فهو كقراءة :﴿ رُدَّتْ إِلَيْنَا ﴾ [ يوسف : ٦٥ ]. قوله :[ الطويل ]
وقد تقدم. فأما قراءة المبني للمعفول، فعند أهل السنة : أن الله صدهم. المعتزلة وجهان :٣١٨٧ ومَا حِلَّ مِنْ جَهْلِ حُبَا حُلمَائِنَا ........................
قيل : الشيطان وبعضهم لبعض، هو قول أبي مسلم رحمه الله. ومن فتح الصاد : يعني الكفار أعرضوا إن كان لازماً، وصدوا غيرهم إن كان متعدياً. وحجة القراءة الأولى مشاكلتها لما قبلها من بناء الفعل للمفعول، وحجة القراءة الثانية قوله جل ذكره ﴿ الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ ﴾ [ محمد : ١١ ] ثم مقال :﴿ وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾.
وتمسك أهل السنة بهذه الآية من وجوه : أحدها : قوله ﴿ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكْرُهُمْ ﴾ وقد تقدم بالدليل أن المزين هو الله تعالى. وثانيها : قوله ﴿ وَصُدُّواْ عَنِ السبيل ﴾ بضم الصاد، وبينا ِأيضاً أن ذلك الصاد هو الله تعالى.
وثالثها : قوله سبحانه وتعالى :﴿ وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾، وهو صريح في المقصود، ثم قال تعالى :﴿ لَّهُمْ عَذَابٌ فِي الحياة الدنيا ﴾ بالقتل والأسر ﴿ وَلَعَذَابُ الآخرة أَشَقُّ ﴾ أي : أشد ﴿ وَمَا لَهُم مِّنَ الله مِن وَاقٍ ﴾ مانع يمنعهم من العذاب. وقال الواحي : أكثر القراء وقفوا على القاف من غير إثبات ياء، مثل قوله تعالى ﴿ وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ [ غافر : ٣٣ ] وكذلك ﴿ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ ﴾ [ الرعد : ٣٧ ] وهو الوجه؛ لأنه يقال في الوصل :» هادٍ ووالٍ وواقٍ « محذوف الياء لسكونها والتقائها مع التنوين، فإذا وقفت انحذف التنوين في الوقف في الرفع والجر، والياء [ كانت ] انحذفت ف يالوصل فيصادف الوقف الحركة التي كسرت فتحذف كما يحذف سائر الحركات التي يوقف عليها، فيقال :» هَاد « و » وَال « و » وَاق «.
وابن كثير يقف بالياء، ووجهه ما حكى سيبوبه : أن بعض من يوثق به من العرب يقفون بالياء، وقد تقدم.