وقد أنكر أبو حاتم على أبي عمرو تحسينه لهذه القراءة، ولا التفات إليه؛ لأَنَّه علم من أعلام القرآن، واللغة، والنحو، واطلع على ما لم يطلع عليه من فوق السجستاني :[ البسيط ]
٣٢٠٧ وابْنُ اللَّبُونِ إذا ما لُزَّ في قَرنٍ | لمْ يَسْتطِعْ صَوْلشةَ البُزْلِ القَناعِيسِ |
منها : أن الكسر على أصل التقاء الساكنين، وذلك أنَّ ياء الإعراب ساكنة وياء المتكلم أصلها السُّكون، فلما التقيا كسرت؛ لالتقاء الساكنين.
الثاني : أنها تشبه هاء الضمير في أنَّ كلاًّ منهما ضمير على حرف واحد و « هاء » الضمير توصل بواو إذا كانت مضمومة، وبياء إذا كانت مكسورة، وتكسر بعد الكسرة والياء ساكنة؛ فتكسر كما تكسر الهاء في :« عَليْهِ »، وبنو يربوع يصلونها بياء كما يصل ابن كثير نحو «
عليهي » بياء، فحمزة كسر هذه الياء من غير صلة، إذ أصله يقتضي عدمها.
وزعم قطربٌ أنها لغة بني يربوع.
قال : يزيدون على ياء الإضافة ياء؛ وأنشد :[ الرجز ]
٣٢٠٨ مَاضٍ إذَا ما هَمَّ بالمُضِيِّ... قَال لهَا : هَلْ لَكِ يَا تَفِيِّ
وأنشده الفراء وقال : فإن يك ذلك صحيحاً، فهو مما يلتقي من السكانيني فنخفض الآخر منها.
وقال أبو علي : قال الفرَّاءُ في كتاب التصريف له : زعم القاسم بن معنٍ أنه صواب، وكان ثقة بصيراً.
وممن طعن عليها أبو إسحاق قال : هذه القرءاة عند جميع النحويين رديئةٌ مرذولة، ولا وجه لها إلا وجه ضعيف.
وقال أبو جعفر :« صار هذا إدغاماً، ولا يجوز أن يحمل كتاب الله عزَّ وجلَّ على الشذوذ ».
وقال الزمخشري : هي ضعيفة، واستشهدوا لها ببيت مجهول :[ الرجز ]
٣٢٠٩ قَال لهَا : هَلْ لكِ يَا تَافيِّ... قالتْ لهُ : مَا أنْتَ بالمَرْضِيِّ
وكأن قدر ياء الإضافة ساكنة، وقبلها ياء سكانة فحركها بالكسر لما عليه أصل التقاء الساكنين، ولكنه غير صحيح؛ لأنَّ ياء الإضافة لا تكون إلا مفتوحة حيث قبلها ألف نحو : عَصَاي، فما بالها وقبلها ياء؟.
فإن قلت : جرت الياء الأولى مجرى الحرف الصحيح لأجل الإدغام، فكأنها ياء وقعت بعد حرف صحيح ساكن فحركت بالكسر على الأصل.
قلت : هذا قياس حسنٌ، ولكن الاستعمال المستفيض الذي هو بمنزلة الخبر المتواتر تتضاءل إليه القياسات.
قال أبو حياان رحمه الله تعالى :« أما قولهن : واستشهدوا لها ببيت مجهول، فقد ذكر غيره أنه للأغلب العجلي، وهي لغة باقية في أفواه كثير من النَّاس إلى اليوم، يقولون : ما فيِّ أفعلُ كذا بكسر الياء ».
قال شهابُ الدِّين : الذي ذكره صاحب هذا الرجز هو الشيخ أو شامة قال ورأيته أنا في أوَّل ديوانه، وأول هذا الرجز :