ومثاله : أن يعاقب الرَّجلُ ولدهُ على ذنبه، فيقول الولد : لا أقدرُ على غير ما أنا عليه؛ فيقول الوالدُ : فلن ينفعك إذنْ نُصْحِي، وليس المرادُ أنَّهُ يصدِّقهُ على ما ذكره، بل على وجه الإنكار لذلك.
الثاني : قال الحسنُ : معنى « يُغْويكُم » أي : يُعَذِّبكم والمعنى : لا ينفعكم نُصْحِي اليوم إذا نزل بكُم العذابُ؛ فأمنتم في ذلك الوقت؛ لأنَّ الإيمان عند نُزُول العقابِ لا يقبلُ وإنَّما ينفعُكم نصحي إذا آمنتم قبل مُشاهدةِ العذابِ.
الثالث : قال الجُبائي : الغوايةُ هي الخيبة من الطَّلب بدليل قوله :﴿ فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً ﴾ [ مريم : ٥٩ ]، أي : خيبة من خير الآخرة؛ قال الشاعر :[ الطويل ]
٢٩٦٦-.................................... | ومَنْ يَغْوَ لا يَعْدَمْ عَلى الغَيِّي لائِمَا |
قوله :﴿ أَمْ يَقُولُونَ افتراه ﴾ اختلقه، وافتعله، يعني نوحاً - عليه الصلاة السلام - قاله ابن عباس - رضي الله عنهما -.
[ وقال مقاتلٌ - رضي الله عنه - : يعني محمَّداً صلوات الله البر الرحيم وسلامه عليه ] والهاء ترجع إلى الوحي الذي بلغه إليهم.
﴿ قُلْ إِنِ افتريته فَعَلَيَّ إِجْرَامِي ﴾ أي : إثْمِي ووبال جرمي، والإجرامُ : كسب الذَّنب، وهذا من باب حذف المضاف؛ لأنَّ المعنى : فعليَّ عقاب إجْرامي، وفي الآية محذوفٌ آخر، وهو أنَّ المعنى : إن كنتُ افتريتُه فعليَّ عقاب جرمي، وإن كنتُ صادقاً وكذَّبْتُمونِي فعليكم عقاب ذلك التكذيب، إلاَّ أنَّه حذف هذه البقية لدلالة الكلام عليه.
قوله :« فَعَلَيَّ إجْرَامِي » : مبتدأٌ وخبرٌ، أو فعلٌ وفاعلٌ.
والجمهورُ على كسر همزة « إجْرَامِي »، وهو مصدر أجْرَمَ، وأجْرمَ هو الفاشي، ويجوزُ « جَرَمَ » ثلاثياً وأنشدوا :[ الوافر ]
٢٩٦٧- طَرِيدُ عَشيرةٍ ورَهِينُ ذَنْبٍ | بِمَا جَرَمَتْ يَدِي وجَنَى لِسَانِي |