وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي حازم، أن رجلاً قال له : ما شكر العينين؟ قال : إن رأيت بهما خيراً أعلنته، وإن رأيت بهما شراً سترته. قال : فما شكر الأذنين؟ قال : إن سمعت خيراً وعيته، وإن سمعت بهما شراً أخفيته. قال : فما شكر اليدين؟ قال : لا تأخذ بهما ما ليس لهما، ولا تمنع حقاً لله تعالى هو فيهما. قال : فما شكر البطن؟ قال : أن يكون أسفله طعاماً، وأعلاه علماً. قال : فما شكر الفرج؟ قال : كما قال الله تعالى ﴿ إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ﴾ [ المؤمنون : ٦ ] إلى قوله ﴿ فأولئك هم العادون ﴾ قال : فما شكر الرجلين؟ قال : إن رأيت حياً غبطته بهما عملته، وإن رأيت ميتاً مقته كففتهما عن عمله وأنت شاكر لله تعالى، فاما من شكر بلسانه ولم يشكر بجميع أعضائه فمثله كمثل رجل له كساء فأخذ بطرفه ولم يلبسه، فلم ينفعه ذلك من الحر والبرد والثلج والمطر.
وأخرج البيهقي في الشعب عن علي بن المديني قال : قيل لسفيان بن عيينة : ما حد الزهد؟ قال : أن تكون شاكراً في الرخاء صابراً في البلاء، فإذا كان كذلك فهو زاهد. قيل لسفيان : ما الشكر؟ قال : إن تجتنب ما نهى الله عنه.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن عمر بن عبد العزيز قال : قيِّدوا نعم الله بالشكر لله تعالى، وشكر الله ترك المعصية.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن محمد بن لوط الأنصاري قال : كان يقال : الشكر ترك المعصية.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن مخلد بن حسين قال : كان يقال : الشكر ترك المعاصي.
وأخرج البيهقي عن الجنيد قال : قال السري يوماً : ما الشكر؟ فقلت له : الشكرعندي أن لا يستعان على المعاصي بشيء من نعمه.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن سفيان بن عيينة قال : قيل للزهري ما الزاهد؟ قال : من لم يغلب الحرام صبره، ولم يمنع الحلال شكره.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال : الشكر يأخذ بجرم الحمد وأصله وفرعه، فلينظر في نعم من الله في بدنه وسمعه وبصره ويديه ورجليه وغير ذلك، ليس من هذا شيء إلا وفيه نعمة من الله حق على العبد أن يعمل بالنعم اللاتي هي في يديه لله تعالى في طاعته ونعم أخرى في الرزق، وحق عليه أن يعمل لله فيما أنعم به عليه من الرزق في طاعته، فمن عمل بهذا كان أخذ بجرم الشكر وأصله وفرعه.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن عامر قال : الشكر نصف الإِيمان، والصبر نصف الإِيمان، واليقين الإِيمان كله. وقال البيهقي : أنبأنا أبو عبد الرحمن السلمي قال : سئل الأستاذ أبو سهل محمد بن سليمان الصعلوكي عن الشكر والصبر أيهما أفضل؟ فقال : هما في محل الاستواء، فالشكر وظيفة السراء، والصبر فريضة الضراء.