أخرج عبد بن حميد وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس ﴿ فمن عفي له ﴾ قال : هو العمد يرضى أهله بالدية ﴿ فاتباع بالمعروف ﴾ أمر به الطالب ﴿ وأداء إليه بإحسان ﴾ قال : يؤدى المطلوب بإحسان ﴿ ذلك تخفيف من ربكم ورحمة ﴾ مما كان على بني إسرائيل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ﴿ فمن عفي له من أخيه شيء ﴾ بعد أخذ الدية بعد استحقاق الدم وذلك العفو ﴿ فاتباع بالمعروف ﴾ يقول : فعلى الطالب اتباع بالمعروف إذا قبل الدية ﴿ وأداء إليه بإحسان ﴾ من القاتل في غير ضرر ولا فعلة المدافعة ﴿ ذلك تخفيف من ربكم ورحمة ﴾ يقول : رفق.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبخاري والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه وابن حبان والبيهقي عن ابن عباس قال : كان في بني إسرائيل القصاص ولم يكن فيهم الدية فقال الله لهذه الأمة ﴿ كتب عليكم القصاص في القتلى ﴾ إلى قوله ﴿ فمن عفي له من أخيه شيء ﴾ فالعفو أن تقبل الدية في العمد ﴿ فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ﴾ يتبع الطالب بالمعروف ويؤدي إليه المطلوب بإحسان ﴿ ذلك تخفيف من ربكم ورحمة ﴾ مما كتب على من كان قبلكم ﴿ فمن اعتدى بعد ذلك ﴾ قتل بعد قبول الدية ﴿ فله عذاب أليم ﴾.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كانت بنو إسرائيل إذا قتل فيهم القتيل عمداً لا يحل لهم إلا القود، وأحل الله الدية لهذه الأمة، فأمر هذا أن يتبع بمعروف، وأمر هذا أن يؤدي بإحسان ﴿ ذلك تخفيف من ربكم ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : كان على بني إسرائيل القصاص في القتلى، ليس بينهم دية في نفس ولا جرح، وذلك قول الله ﴿ وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس.... ﴾ [ المائدة : ٤٥ ] الآية.
فخفف الله عن أمة محمد، فجعل عليهم الدية في النفس وفي الجراحة، وهو قوله ﴿ ذلك تخفيف من ربكم ورحمة ﴾.
وأخرج ابن جرير والزجاجي في أماليه عن قتادة في قوله ﴿ ورحمة ﴾ قال : هي رحمة رحم الله بها هذه الأمة أطعمهم الدية وأحلها لهم ولم تحل لأحد قبلهم، فكان في أهل التوراة إنما هو القصاص أو العفو ليس بينهما أرش، فكان أهل الإِنجيل إنما هو عفو أمروا به، وجعل الله لهذه الأمة القتل والعفو الدية إن شاؤوا أحلها لهم ولم يكن لأمة قبلهم.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن شريح الخزاعي « أن النبي ﷺ قال : من أصيب بقتل أو جرح فإنه يختار إحدى ثلاث : إما أن يقتص، وإما أن يعفو، وإما أن يأخذ الدية، فإن أراد رابعة فخذوا على يديه، ومن اعتدى بعد ذلك فله نار جهنم خالداً فيها أبداً ».