وأخرج أبو بكر بن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء والطستي في مسائله عن ابن عباس. أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله ﴿ حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ﴾، قال : بياض النهار من سواد الليل وهو الصبح إذ قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم، أما سمعت قول أمية؟ :

الخيط الأبيض ضوء الصبح منغلق والخيط الأسود لون الليل مكموم
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن سهل بن سعد قال : أنزلت ﴿ وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ﴾ ولم ينزل من الفجر، فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود، فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له رؤيتهما، فأنزل الله بعد ﴿ من الفجر ﴾ فعلموا إنما يعني الليل والنهار.
وأخرج سفيان بن عيينة وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن عدي بن حاتم قال « لما أنزلت هذه الآية ﴿ وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ﴾ عمدت إلى عقالين أحدهما أسود والآخر أبيض فجعلتهما تحت وسادتي، فجعلت أنظر إليهما فلا يتبين لي الأبيض من الأسود، فلما أصبحت غدوت على رسول الله ﷺ، فأخبرته بالذي صنعت فقال : إن وسادك إذا لعريض، إنما ذاك بياض النهار من سواد الليل ».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عدي بن حاتم قال « أتيت رسول الله ﷺ فعلمني الإِسلام، ونعت لي الصلوات الخمس كيف أصلي كل صلاة لوقتها، ثم قال : إذا جاء رمضان فكل واشرب حتى يتبين لك الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، ثم أتم الصيام إلى الليل، ولم أدر ما هو! ففتلت خيطين من أبيض وأسود، فنظرت فيهما عند الفجر فرأيتهما سواء، فأتيت رسول الله ﷺ فقلت : يا رسول الله كل شيء أوصيتني قد حفظت غير الخيط الأبيض من الخيط الأسود، قال : وما منعك يا ابن حاتم؟ وتبسم كأنه قد علم ما فعلت. قلت : فتلت خيطين من أبيض وأسود، فنظرت فيهما من الليل فوجدتهما سواء، فضحك رسول الله ﷺ حتى رؤي نواجذه، ثم قال : ألم أقل لك من الفجر؟ إنما هو ضوء النهار من ظلمة الليل ».
وأخرج عبد بن حميد والبخاري وابن جرير عن عدي بن حاتم قال « قلت يا رسول الله ما الخيط الأبيض من الخيط الأسود أهما الخيطان؟ فقال : إنك لعريض القفا إن أبصرت الخيطين، ثم قال : لا، بل هو سواد الليل وبياض النهار ».


الصفحة التالية