وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي. مثله.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ﴿ كمثل الذي استوقد ناراً ﴾ قال : ضربه الله مثلاً للمنافق. وقوله ﴿ ذهب الله بنورهم ﴾ أما ( النور ) فهو إيمانهم الذي يتكلمون به، وأما ( الظلمة ) فهي ضلالهم وكفرهم. وفي قوله ﴿ أو كصيب ﴾ الآية. قال ( الصيب ) المطر. وهو مثل المنافق في ضوء ما تكلم بما معه من كتاب الله، وعمل مراءاة للناس، فإذا خلا وحده عمل بغيره، فهو في ظلمة ما أقام على ذلك، وأما ( الظلمات ) فالضلالة، وأما ( البرق ) فالإِيمان. وهم أهل الكتاب ﴿ وإذا أظلم عليهم ﴾ فهو رجل يأخذ بطرف الحق لا يستطيع أن يجاوزه.
وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ مثلهم... ﴾ الآية. قال : ضرب الله مثلاً للمنافقين يبصرون الحق ويقولون به، حتى إذا خرجوا من ظلمة الكفر أطفأوه بكفرهم ونفاقهم، فتركهم في ظلمات الكفر لا يبصرون، هدى ولا يستقيمون على حق ﴿ صم بكم عمي ﴾ عن الخير ﴿ فهم لا يرجعون ﴾ إلى هدى، ولا إلى خير. وفي قوله ﴿ أو كصيب.. ﴾ الآية. يقول : هم من ظلمات ما هم فيه من الكفر، والحذر من القتل، على الذي هم عليه من الخلاف والتخويف منكم، على مثل ما وصف من الذي هو في ظلمة الصيب، فجعل أصابعه في أذنيه من الصواعق ﴿ حذر الموت والله محيط بالكافرين ﴾ منزل ذلك بهم من النقمة ﴿ يكاد البرق يخطف أبصارهم ﴾ أي لشدة ضوء الحق ﴿ كلما أضاء لهم مشوا فيه ﴾ أي يعرفون الحق ويتكلمون به فهم من قولهم به استقامة، فإذا ارتكسوا منه إلى الكفر ﴿ قاموا ﴾ أي متحيرين ﴿ ولو شاء الله لذهب بسمعهم ﴾ أي لما سمعوا، تركوا من الحق بعد معرفته.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ﴿ مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً ﴾ قال : أما إضاءة النار فإقبالهم إلى المؤمنين والهدى، وذهاب نورهم إقبالهم إلى الكافرين والضلالة، وإضاءة البرق وإظلامه على نحو ذلك المثل ﴿ والله محيط بالكافرين ﴾ قال : جامعهم في جهنم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ﴿ مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً ﴾ قال : هذا مثل ضربه الله للمنافق. إن المنافق تكلم بلا إله إلا الله فناكح بها المسلمين، ووارث بها المسلمين، وغازى بها المسلمين، وحقن بها دمه وماله. فلما كان عند الموت لم يكن لها أصل في قلبه، ولا حقيقة في عمله، فسلبها المنافق عند الموت، فترك في ظلمات وعمى يتسكع فيها. كما كان أعمى في الدنيا عن حق الله وطاعته صم عن الحق فلا يبصرونه ﴿ فهم لا يرجعون ﴾ عن ضلالتهم، ولا يتوبون ولا يتذكرون ﴿ أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت ﴾ قال : هذا مثل ضربه الله للمنافق لجبنه، لا يسمع صوتاً إلا ظن أنه قد أتي، ولا يسمع صياحاً إلا ظن أنه قد أتي، ولا يسمع صياحاً إلا ظن أنه ميت.


الصفحة التالية
Icon