وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : كانت قريش وكل ابن أخت لهم وحليف لا يفيضون مع الناس من عرفات أنما يفيضون من المغمس، كانوا يقولون : إنما نحن أهل الله فلا نخرج من حرمه، فأمرهم الله أن يفيضوا من حيث أفاض الناس، وكانت سنة إبراهيم وإسمعيل الإِفاضة من عرفات.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ﴿ من حيث أفاض الناس ﴾ قال : إبراهيم.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد ﴿ ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ﴾ قال : عرفة، كانت قريش تقول : إنما نحن حمس أهل الحرم لا يخلف الحرم المزدلفة، أمروا أن يبلغوا عرفة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن الزهري قال : كان الناس يقفون بعرفة إلا قريشاً وأحلافها وهي الحمس، فقال بعضهم : لا تعظموا إلا الحرم فإنكم إن عظمتم غير الحرم أوشك أن تتهاونوا بحرمكم، فقصروا عن مواقف الحق فوقفوا بجمع، فأمرهم الله أن يفيضوا من حيث أفاض الناس من عرفات.
أما قوله تعالى :﴿ واستغفروا الله إن الله غفور رحيم ﴾.
أخرج ابن جرير عن مجاهد قال : إذا كان يوم عرفة هبط الله إلى السماء الدنيا في الملائكة، فيقول لهم : عبادي آمنوا بوعدي وصدقوا رسلي ما جزاؤهم؟ فيقال : أن يغفر لهم. فذلك قوله ﴿ ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم ﴾.
وأخرج مسلم والنسائي وابن ماجة وابن أبي الدنيا في كتاب الأضاحي والحاكم عن عائشة « أن رسول الله ﷺ قال : ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وأنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول : ما أراده هؤلاء ».
وأخرج أحمد وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ « إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء فيقول لهم : انظروا إلى عبادي جاؤوني شعثاً غبراً ».
وأخرج البزار وأبو يعلى وابن خزيمة وابن حبان والبيهقي عن جابر « أن رسول الله ﷺ قال : أفضل أيام الدنيا أيام العشر - يعني عشر ذي الحجة - قيل : وما مثلهن في سبيل الله؟ قال : ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه بالتراب، وما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة، ينزل الله تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء، فيقول : انظروا إلى عبادي جاؤوني شعثاً غبراً ضاحين، جاؤوا من كل فج عميق يرجون رحمتي ويستعيذون من عذابي ولم يروه، فلم ير يوماً أكثر عتيقاً وعتيقة من النار منه ».
وأخرج أحمد والطبراني عن عبد الله بن عمرو بن العاص « أن النبي ﷺ يقول : إن الله يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة فيقول : انظروا عبادي أتوني شعثاً غبراً ضاحين من كل فج عميق، أشهدكم أني قد غفرت لهم. قال رسول الله ﷺ : فما من يوم أكثر عتقاً من النار من يوم عرفة ».