وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : إن ناساً في الجاهلية كانوا إذا أتو وادياً للجن ناد منادي الإِنس إلى خيار الجن أن احبسوا عنا سفهاءكم فلم يغنهم ما وعظوا به ﴿ فزادوهم رهقاً ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : كان القوم في الجاهلية إذا نزلوا بالوادي قالوا : نعوذ بسيد هذا الوادي من شر ما فيه فلا يكونون بشيء أشد ولعاً منهم بهم، فذلك قوله :﴿ فزادوهم رهقاً ﴾.
وأخرج ابن مردويه من طريق معاوية بن قرة عن أبيه قال : ذهبت لأسلم حين بعث الله محمداً مع رجلين أو ثلاثة في الإِسلام، فأتيت الماء حيث يجتمع الناس، فإذا الناس براعي القرية الذي يرعى لهم أغنامهم، فقال : لا أرعى لكم أغنامكم. قالوا : لم؟ قال : يجيء الذئب كل ليلة يأخذ شاة وصنمكم هذا راقد لا يضر ولا ينفع ولا يقر ولا ينكر، فذهبوا وأنا أرجو أن يسلموا، فلما أصبحنا جاء الراعي يشتد يقول : البشرى البشرى قد جيء بالذئب وهو مقموط بين يدي الصنم بغير قماط، فذهبوا وذهبت معهم فقتلوه وسجدوا له، وقالوا : هكذا فاصنع، فدخلت على محمد ﷺ، فحدثته هذا الحديث فقال : لعب بهم الشيطان.
أخرج عبد بن حميد في قوله :﴿ وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرساً شديداً وشهباً ﴾ قال : كانت الجن تسمع سمع السماء فلما بعث الله محمداً حرست السماء ومنعوا ذلك، فتفقدت الجن ذلك من أنفسها. قال : وذكر لنا أن أشراف الجن كانوا بنصيبين من أرض الموصل فطلبوا وصوبوا النظر حتى سقطوا على رسول الله ﷺ، وهو يصلي بأصحابه عامداً إلى عطاظ.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معاً في دلائل النبوة عن ابن عباس قال : كان الشياطين لهم مقاعد في السماء يستمعون فيها الوحي، فإذا سمعوا الكلمة زادوا فيها تسعاً فأما الكلمة فتكون حقاً، وأما ما زادوا فيكون باطلاً، فلما بعث رسول الله ﷺ منعوا مقاعدهم، فذكروا ذلك لإِبليس، ولم تكن النجوم يرمي بها قبل ذلك، فقال لهم إبليس : ما هذا الأمر إلا لأمر حدث في الأرض، فبعث جنوده فوجدوا رسول الله ﷺ قائماً يصلي بين جبلي نخلة، فأتوه فأخبروه، فقال : هذا الحدث الذي حدث في الأرض.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال : كان للجن مقاعد في السماء يستمعون الوحي، فبينما هم كذلك إذ بعث النبي ﷺ، فدحرت الشياطين من السماء ورموا بالكواكب، فجعل لا يصعد أحد منهم إلا احترق، وفزع أهل الأرض لما رأوا من الكواكب ولم يكن قبل ذلك، وقال إبليس : حدث في الأرض حدث فأتى من كل أرض بتربة فشمها، فقال لتربة تهامة : هنا حدث الحدث فصرف إليه نفراً من الجن فهم الذين استمعوا القرآن.


الصفحة التالية
Icon