وأخرج ابن مردويه عن أنس عن النبي ﷺ قال :« يؤتى بأدنى أهل النار منزلة يوم القيامة فيقول الله له : تفتدى بملء الأرض ذهباً وفضة؟ فيقول : نعم إن قدرت عليه، فيقول : كذبت، قد كنت أسألك ما هو أيسر عليك من أن تسألني فأعطيك وتستغفرني فأغفر لك وتدعوني فأستجيب لك، فلم تخفني ساعة قطّ من ليل ونهار، ولم ترج ما عندي قط، ولم تخش عقابي ساعة قط، وليس وراءه أحد إلا وهو شر منه، فيقال له :﴿ ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ﴾ إلى قوله :﴿ حتى أتانا اليقين ﴾ يقول الله :﴿ فما تنفعهم شفاعة الشافعين ﴾ ».
وأخرج ابن مردويه عن صهيب الفقير قال : كنا بمكة ومعي طلق بن حبيب وكنا نرى رأي الخوارج فبلغنا أن جابر بن عبدالله يقول في الشفاعة فأتيناه فقلنا له : بلغنا عنك في الشفاعة قول الله مخالف لك فيها في كتابه، فنظر في وجوهنا فقال : من أهل العراق أنتم؟ قلنا : نعم. فتبسم وقال : وأين تجدون في كتاب الله؟ قلت : حيث يقول :﴿ ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته ﴾ [ آل عمران : ١٩٢ ] و ﴿ يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ﴾ [ المائدة : ٣٧ ] و ﴿ كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها ﴾ [ السجدة : ٢٠ ] وأشباه هذا من القرآن فقال : أنتم أعلم بكتاب الله أم أنا؟ قلنا : بل أنت أعلم به منا. قال : فوالله لقد شهدت تنزيل هذا على عهد رسول الله ﷺ وشفاعة الشافعين، ولقد سمعت تأويله من رسول الله ﷺ، وإن الشفاعة لنبيه في كتاب الله قال في السورة التي تذكر فيها المدثر :﴿ ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ﴾ الآية، ألا ترون أنها حلت لمن مات لم يشرك بالله شيئاً؟ سمعت رسول الله ﷺ يقول :« إن الله خلق خلقاً ولم يستعن على ذلك، ولم يشاور فيه أحداً، فأدخل من شاء الجنة برحمته، وأدخل من شاء النار، ثم إن الله تحنن على الموحدين فبعث الملك من قبله بماء ونور فدخل النار، فنضح فلم يصب إلا من شاء، ولم يصب إلا من خرج من الدنيا لم يشرك بالله شيئاً فأخرجهم حتى جعلهم بفناء الجنة، ثم رجع إلى ربه فأمده بماء ونور، ثم دخل فنضح فلم يصب إلا من شاء الله، ثم لم يصب إلا من خرج من الدنيا لم يشرك بالله شيئاً فأخرجهم حتى جعلهم بفناء الجنة، ثم أذن الله للشفعاء فشفعوا لهم فأدخلهم الله الجنة برحمته وشفاعة الشافعين ».


الصفحة التالية
Icon