قال عكرمة : وكان عبدالله بن أبيّ عظيم الشأن، وفيه أنزلت هذه الآية في المنافقين هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا، وهو الذي قال : لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. قال الحكم : ثم حدثني بشر بن مسلم أنه قيل له : يا أبا حباب إنه قد نزل فيك آي شداد، فاذهب إلى رسول الله ﷺ يستغفر لك، فلوى رأسه ثم قال : أمرتموني أن أومن فقد آمنت، وأمرتموني أن أعطي زكاة مالي فقد أعطيت، فما بقي إلا أن أسجد لمحمد
. وأخرج البيهقي في الدلائل عن الزهري قال : كان لعبدالله بن أبيّ مقام يقومه كل جمعة لا يتركه شرفاً له في نفسه وفي قومه، فكان إذا جلس رسول الله ﷺ يوم الجمعة يخطب قام فقال : أيها الناس هذا رسو ل الله بين أظهركم أكرمكم الله به، وأعزكم به فانصروه وعزروه واسمعوا له وأطيعوا، ثم يجلس، فلما قدم رسول الله ﷺ من أحد وصنع المنافق ما صنع في أحد، فقام يفعل كما كان يفعل، فأخذ المسلمون بثيابه من نواحيه، وقالوا : اجلس يا عدو الله، لست لهذا المقام بأهل. قد صنعت ما صنعت. فخرج يتخطى رقاب الناس وهو يقول : والله لكأني قلت هجراً أن قمت أسدد أمره، فقال له رجل : ويحك ارجع يستغفر لك رسول الله ﷺ، فقال المنافق : والله لا أبغي أن يستغفر لي.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال :« لما نزلت آية براءة ﴿ استغفر لهم أو لا تستغفر لهم ﴾ [ التوبة : ٨٠ ] قال النبي ﷺ :» اسمع ربي قد رخص لي فيهم، فوالله لأستغفرن أكثر من سبعين مرة لعل الله أن يغفر لهم « فنزلت ﴿ سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم ﴾ ».
وأخرج ابن مردويه عن عروة قال :« لما نزلت ﴿ استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ﴾ [ التوبة : ٨٠ ] قال النبي ﷺ :» لأزيدن على السبعين « فأنزل الله ﴿ سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم ﴾ الآية ».
وأخرج ابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس قال : نزلت هذه الأية ﴿ هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ﴾ في عسيف لعمر بن الخطاب.


الصفحة التالية
Icon