وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال : لما حضر عبدالله بن أبيّ الموت قال ابن عباس رضي الله عنهما : فدخل عليه رسول الله ﷺ فجرى بينهما كلام، فقال له عبدالله بن أبيّ : قد أفقه ما تقول، ولكن منَّ عليَّ اليوم وكفّنّي بقميصك هذا وصلّ عليّ. قال ابن عباس رضي الله عنهما : فكفنه رسول الله ﷺ بقميصه، وصلى عليه والله أعلم أي صلاة كانت، وأن محمداً ﷺ لم يخدع إنساناً قط، غير أنه قال يوم الحديبية كلمة حسنة، فسئل عكرمة رضي الله عنه ما هذه الكلمة؟ قال : قالت له قريش : يا أبا حباب إنا قد منعنا محمداً طواف هذا البيت، ولكنا نأذن لك، فقال : لا لي في رسول الله أسوة حسنة. قال : فلما بلغوا المدينة أخذ ابنه السيف ثم قال لوالده : أنت تزعم لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، والله لا تدخلها حتى يأذن رسول الله ﷺ.
وأخرج الحميدي في مسنده عن أبي هارون المدني قال : قال عبدالله بن عبدالله بن أبيّ لأبيه : والله لا تدخل المدينة أبداً حتى تقول رسول الله ﷺ الأعز وأنا الأذل.
وأخرج الطبراني عن أسامة بن زيد رضي الله عنه : لما رجع رسول الله ﷺ من بني المصطلق قام عبدالله بن عبدالله بن أبيّ فسلّ على أبيه السيف، وقال : والله عليّ أن لا أغمده حتى تقول : محمد الأعز وأنا الأذل. فقال : ويلك محمد الأعز وأنا الأذل. فبلغت رسول الله ﷺ فأعجبته، وشكرها له.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : لما قدموا المدينة سلّ عبدالله بن عبدالله بن أبيّ على أبيه السيف وقال : لأضربنك أو تقول : أنا الأذل ومحمد الأعز. فلم يبرح حتى قال ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة بن الزبير رضي الله عنه « أن أصحاب رسول الله ﷺ في غزوة بني المصطلق لما أتوا المنزل كان بين غلمان من المهاجرين وغلمان من الأنصار، فقال غلمان من المهاجرين : يا للمهاجرين، وقال غلمان من الأنصار : يا للأنصار، فبلغ ذلك عبدالله بن أبيّ بن سلول فقال : أما والله لو أنهم لم ينفقوا عليهم انفضوا من حوله، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. فبلغ ذلك النبي ﷺ، فأمر بالرحيل، فأدرك ركباً من بني عبد الأشهل في المسير، فقال لهم :» ألم تعلموا ما قال المنافق عبدالله بن أبي؟ « قالوا : وماذا قال : يا رسول الله؟ قال :» قال أما والله لو لم تنفقوا عليهم لانفضوا من حوله، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل « قالوا : صدق يا رسول الله، فأنت والله الأعز العزيز وهو الذليل ».


الصفحة التالية
Icon