فقال عمر رضي الله عنه، لقد فطنت لأمر ما فطنا له، وكان قتادة يزيد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ويأكل من سبع. قال : هو قول الله تعالى :﴿ فأنبتنا فيها حباً وعنباً وقضباً ﴾ الآية.
وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدني ابن عباس رضي الله عنهما، وكان ناس من أصحاب النبي ﷺ، فكأنهم وجدوا في أنفسهم فقال : لأريتكم اليوم منه شيئاً تعرفون فضله فسألهم عن هذه السورة ﴿ إذا جاء نصر الله ﴾ [ النصر : ١ ] فقالوا : أمر نبينا ﷺ إذا رأى مسارعة الناس في الإِسلام ودخولهم فيه أن يحمد الله ويستغفره، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : يا ابن عباس ما لك لا تتكلم؟ فقال : أعلمه متى يموت. قال :﴿ إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً ﴾ فهي آيتك من الموت فقال عمر رضي الله عنه : صدق والذي نفس عمر بيده ما أعلم منها إلا ما علمت. قال : وسألهم عن ليلة القدر فأكثروا فيها فقالوا : كنا نرى أنها في العشر الأوسط، ثم بلغنا أنها في العشر الأواخر، فأكثروا فيها، فقال بعضهم : ليلة إحدى وعشرين، وقال بعضهم : ثلاث وعشرين، وقال بعضهم : سبع وعشرين. فقال له عمر رضي الله عنه ما لك يا ابن عباس لا تتكلم؟ قال : الله أعلم. قال : قد نعلم أن الله أعلم، ولكني إنما أسألك عن علمك، فقال ابن عباس رضي الله عنهما : إن الله وتر يحب الوتر خلق سبع سموات، وجعل عدد الأيام سبعاً، وجعل الطواف بالبيت سبعاً، والسعي بين الصفا والمروة سبعاً، ورمي الجمار سبعاً، وخلق الإِنسان من سبع، وجعل رزقه من سبع. قال : كيف خلق الإِنسان من سبع وجعل رزقه من سبع فقد فهمت من هذا شيئاً لم أفهمه؟ قال : قول الله :﴿ لقد خلقنا الإِنسان من سلالة من طين ﴾ [ المؤمنون : ١٢ ] إلى قوله :﴿ فتبارك الله أحسن الخالقين ﴾ [ المؤمنون : ١٤ ] ثم ذكر رزقه فقال :﴿ إنا صببنا الماء صباً ﴾ [ عبس : ٢٦ ] إلى قوله :﴿ وفاكهة وأباً ﴾ [ عبس : ٣١ ] فالأبّ ما أنبتت الأرض للأنعام والسبعة رزق لبني آدم قال : لا أراها والله أعلم إلا لثلاث يمضين وسبع يبقين.
وأخرج أبو نعيم في الحلية من طريق محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جلس في رهط من أصحاب رسول الله ﷺ من المهاجرين فذكروا ليلة القدر، فتكلم منهم من سمع فيها بشيء مما سمع، فتراجع القوم فيها الكلام، فقال عمر رضي الله عنه، ما لك يا ابن عباس صامت لا تتكلم؟ تكلم ولا يمنعك الحداثة. قال ابن عباس رضي الله عنهما : فقلت يا أمير المؤمنين : إن الله تعالى وتر يحب الوتر فجعل أيام الدنيا تدور على سبع، وخلق الإِنسان من سبع، وجعل فوقنا سموات سبعاً، وخلق تحتنا أرضين سبعاً، وأعطى من المثاني سبعاً، ونهى في كتابه عن نكاح الأقربين عن سبع، وقسم الميراث في كتابه على سبع، ونقع في السجود من أجسادنا على سبع، وطاف رسول الله ﷺ بالكعبة سبعاً وبين الصفا والمروة سبعاً، ورمى الجمار سبع لإِقامة ذكر الله في كتابه فأراها في السبع الأواخر من شهر رمضان، والله أعلم، قال : فتعب عمر رضي الله عنه وقال : وما وافقني فيها أحد إلا هذا الغلام الذي لم يسر شؤون رأسه، إن رسول الله ﷺ قال :


الصفحة التالية
Icon