وأخرج ابن حبان وابن مردويه عن ابن عباس قال :« خرج أبو بكر في الهاجرة إلى المسجد فسمع عمر، فخرج فقال لأبي بكر : ما أخرجك هذه الساعة؟ قال : أخرجني ما أجد في نفسي من حاق الجوع. قال عمر : والذي نفسي بيده ما أخرجني إلى الجوع، فبينما هما كذلك إذ خرج رسول الله ﷺ، فقال : ما أخرجكما هذه الساعة فقالا : والله ما أخرجنا إلا ما نجد في بطوننا من حاق الجوع، فقال النبي ﷺ : والذي بعثني بالحق ما أخرجني غيره، فقاموا فانطلقوا إلى منزل أبي أيوب الأنصاري فلما انتهوا إلى داره قالت امرأته : مرحباً بنبي الله وبمن معه. قال النبي ﷺ : أين أبو أيوب؟ فقالت امرأته : يأتيك يا نبي الله الساعة. فجاء أبو أيوب فقطع عذقاً، فقال النبي ﷺ ما أردت أن تقطع لنا هذا ألا اجتنيت الثمرة؟ قال : أحببت يا رسول الله أن تأكلوا من بسره وتمره ورطبه. ثم ذبح جدياً فشوى نصفه وطبخ نصفه، فلما وضع بين يدي النبي ﷺ أخذ من الجدي فجعله في رغيف وقال : يا أبا أيوب أبلغ بهذا فاطمة فإنها لم تصب مثل هذا منذ أيام، فذهب به أبو أيوب إلى فاطمة. فلما أكلوا وشبعوا قال النبي ﷺ : خبز ولحم وتمر وبسر ورطب ودمعت عيناه والذي نفسي بيده إن هذا لهو النعيم الذي تسألون عنه. قال الله :﴿ ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ﴾ فهذا النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة، فكبر ذلك على أصحابه. فقال : بلى إذا أصبتم هذا فضربتم بأيديكم فقولوا : بسم الله فإذا شبعتم فقولوا : الحمد لله الذي هو أشبعنا وأنعم علينا وأفضل، فإن هذا كفاف لها ».
وأخرج أحمد وابن جرير وابن عدي والبغوي في معجمه وابن منده في المعرفة وابن عساكر وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي عسيب مولى النبي ﷺ قال :« خرج النبي ﷺ ليلاً فمر بي فدعاني، فخرجت إليه ثم مر بأبي بكر فدعاه فخرج إليه، ثم مر بعمر فدعاه فخرج إليه، فانطلق حتى دخل حائطاً لبعض الأنصار فقال لصاحب الحائط : أطعمنا، فجاء بعذق فوضعه، فأكل النبي ﷺ وأصحابه، ثم دعا بماء بارد فشرب، وقال : لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة، فأخذ عمر العذق فضرب به الأرض حتى تناثر البسر ثم قال يا رسول الله : إنا لمسؤولون عن هذا يوم القيامة؟ قال : نعم إلا من ثلاث كسرة يسد بها الرجل جوعته، أو ثوب يستر به عورته، أو حجر يدخل فيه من الحر والبرد ».


الصفحة التالية
Icon