وأخرج ابن جرير عن أشعث بن أسلم البصري قال : بينا عمر يصلي ويهوديان خلفه قال أحدهما لصاحبه : أهو هو؟ فلما انتعل عمر قال : أرأيت قول أحدكما لصاحبه أهو هو؟ قالا : إنا نجده في كتابنا قرناً من حديد يعطى ما يعطى حزقيل الذي أحيا الموتى بإذن الله. فقال عمر : ما نجد في كتاب الله حزقيل ولا أحيا الموتى بإذن الله إلا عيسى. قال : أما تجد في كتاب الله ﴿ ورسلا لم نقصصهم عليك ﴾ [ النساء : ١٦٤ ] ؟ فقال عمر : بلى. قال : وأما احياء الموتى فسنحدثك أن بني إسرائيل وقع عليهم الوباء، فخرج منهم قوم حتى إذا كانوا على رأس ميل أماتهم الله، فبنوا عليهم حائطاً حتى إذا بليت عظامهم بعث الله حزقيل، فقام عليهم فقال ما شاء الله، فبعثهم الله له، فأنزل الله في ذلك ﴿ ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف... ﴾ الآية.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن هلال بن يساف في الآية قال : هؤلاء قوم من بني إسرائيل، كانوا إذا وقع فيهم الطاعون خرج أغنياؤهم وأشرافهم، وأقام فقراؤهم وسفلتهم فاستحر القتل على المقيمين ولم يصب الآخرين شيء، فلما كان عام من تلك الأعوام قالوا : لو صنعنا كما صنعوا نجونا، فظعنوا جميعاً فأرسل عليهم الموت فصاروا عظاماً تبرق، فجاءهم أهل القرى فجمعوهم في مكان واحد، فمر بهم نبي فقال : يا رب لو شئت أحييت هؤلاء فعمروا بلادك وعبدوك. فقال : قل كذا وكذا، فتكلم به، فنظر إلى العظام تركب، ثم تكلم فإذا العظام تكسى لحماً، ثم تكلم فإذا هم قعود يسبحون ويكبرون، ثم قيل لهم ﴿ وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم ﴾.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن الحسن في الآية قال : هم قوم فروا من الطاعون، فأماتهم الله قبل آجالهم عقوبة ومقتاً، ثم أحياهم ليكملوا بقية آجالهم.
وأخرج ابن جرير عن وهب بن منبه. أن كالب بن يوقنا لما قبضه الله بعد يوشع خلف في بني إسرائيل حزقيل من بوزى وهو ابن العجوز، وإنما سمي ابن العجوز لأنها سألت الله الولد وقد كبرت فوهبه لها، وهو الذي دعا للقوم الذين ذكر الله في كتابه في قوله ﴿ ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم ﴾ الآية.
وأخرج عبد بن حميد عن وهب قال : أصاب ناساً من بني إسرائيل بلاء وشدة من زمان، فشكوا ما أصابهم وقالوا : يا ليتنا قد متنا فاسترحنا مما نحن فيه، فأوحى الله إلى حزقيل أن قومك صاحوا من البلاء، وزعموا أنهم ودوا لو ماتوا واستراحوا، وأي راحة لهم في الموت، أيظنون أني لا أقدر على أن أبعثهم بعد الموت؟ فانطلق إلى جبانة كذا وكذا، فإن فيها أربعة آلاف قال وهب : وهم الذين قال الله ﴿ ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت ﴾ فقم فناد فيهم، وكانت عظامهم قد تفرقت كما فرقتها الطير والسباع، فنادى حزقيل : أيتها العظام إن الله يأمرك أن تجتمعي، فاجتمع عظام كل إنسان منهم معاً، ثم قال : أيتها العظم إن الله يأمرك أن ينبت العصب والعقب، فتلازمت واشتدت بالعصب والعقب، ثم نادى جزقيل فقال : أيتها العظام ان الله يأمرك أن تكتسي اللحم.